وجادَل. وأَلحَدَ الرَّجُلُ أَي ظلَم فِي الحَرَم، وأَصله مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ
؛ أَي إِلحاداً بِظُلْمٍ، وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدي، ... لَيْسَ الإِمامُ بالشَّحِيح المُلْحِدِ
أَي الجائر بمكة. قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ مَعْنَى الْبَاءِ الطَّرْحُ، الْمَعْنَى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلحاداً بِظُلْمٍ؛ وأَنشدوا:
هُنَّ الحَرائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرةٍ، ... سُودُ المَحاجِرِ لَا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ
الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: لَا يَقْرأْنَ السُّوَر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ الْمَذْكُورُ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ هُوَ لِحُمَيْدٍ الأَرقط، وَلَيْسَ هُوَ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وأَراد بالإِمام هَاهُنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَمَعْنَى الإِلحاد فِي اللُّغَةِ المَيْلُ عَنِ القصْد. ولَحَدَ عليَّ فِي شَهَادَتِهِ يَلْحَدُ لَحْداً: أَثِمَ. ولحَدَ إِليه بِلِسَانِهِ: مَالَ. الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ:
قُرِئَ يَلْحَدون
فَمَنْ قرأَ يَلْحَدون أَراد يَمِيلُون إِليه، ويُلْحِدون يَعْتَرِضون. قَالَ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ
أَي بِاعْتِرَاضٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بإِلحادٍ؛ قِيلَ: الإِلحادُ فِيهِ الشَّكُّ فِي اللَّهِ، وَقِيلَ: كلُّ ظَالِمٍ فِيهِ مُلْحِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احتكارُ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ إِلحادٌ فِيهِ
أَي ظُلْم وعُدْوان. وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: لَا تُلْطِطْ فِي الزكاةِ وَلَا تُلْحِدْ فِي الحياةِ
أَي لَا يَجْري مِنْكُمْ مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ مَا دُمْتُمْ أَحياء؛ قَالَ أَبو مُوسَى: رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ لَا تُلْطِطْ وَلَا تُلْحِدْ عَلَى النَّهْيِ لِلْوَاحِدِ، قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ لأَنه خِطَابٌ لِلْجَمَاعَةِ. وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا نُلْطِطُ وَلَا نُلْحِدُ، بِالنُّونِ. وأَلحَدَ فِي الْحَرَمِ: تَرَك القَصْدَ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَمَالَ إِلى الظُّلْمِ؛ وأَنشد الأَزهري:
لَمَّا رَأَى المُلْحِدُ، حِينَ أَلْحَما، ... صَواعِقَ الحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدَّمَا
قَالَ: وَحَدَّثَنِي
شَيْخٌ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ قَالَ: إِني لأَذكر حِينَ نَصَبَ المَنْجَنِيق عَلَى أَبي قُبَيْس وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَدْ تَحَصَّنَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فجعَلَ يَرْميهِ بِالْحِجَارَةِ والنِّيرانِ فاشْتَعَلَتِ النيرانُ فِي أَسْتارِ الْكَعْبَةِ حَتَّى أَسرعت فِيهَا، فجاءَت سَحابةٌ مِنْ نَحْوِ الجُدّةِ فِيهَا رَعْد وبَرْق مُرْتَفِعَةً كأَنها مُلاءَة حَتَّى اسْتَوَتْ فَوْقَ الْبَيْتِ، فَمَطَرَتْ فَمَا جَاوَزَ مطَرُها البيتَ ومواضِعَ الطوافِ حَتَّى أَطفَأَتِ النارَ، وسالَ المِرْزابُ فِي الحِجْر ثُمَّ عَدَلَتْ إِلى أَبي قُبَيْس فَرَمَتْ بِالصَّاعِقَةِ فأَحرقت المَنْجَنِيق وَمَا فِيهَا؛ قَالَ: فحدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ بِالْبَصْرَةِ قَوْمًا، وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهل واسِط، وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمان الطيَّارِ شَعْوَذِيّ الحَجَّاج، فَقَالَ الرَّجُلُ: سَمِعْتُ أَبي يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ قَالَ: لمَّا أَحْرَقَتِ المَنْجَنِيقَ أَمْسَك الحجاجُ عَنِ الْقِتَالِ، وَكَتَبَ إِلى عَبْدِ الْمَلِكِ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِليه عَبْدُ الْمَلِكِ: أَما بَعْدُ فإِنّ بَنِي إِسرائيل كَانُوا إِذا قَرَّبوا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْهُمْ بَعْثَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فأَكلته، وإِن اللَّهَ قَدْ رَضِيَ عَمَلَكَ وَتَقَبَّلَ قُرْبانك، فَجِدَّ فِي أَمْرِكَ وَالسَّلَامُ.
والمُلْتَحَدُ: المَلْجَأُ لأَن اللَّاجِئَ يَمِيلُ إِليه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ
أَي مَلْجَأً وَلَا سَرَباً أَلجَأُ إِليه. واللَّحُودُ مِنَ الْآبَارِ: كالدَّحُولِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه مَقْلُوبًا عَنْهُ. وأَلْحَدَ بِالرَّجُلِ: أَزْرى بِحلْمه كأَلْهَدَ. وَيُقَالُ: