للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَوَرَدَ عَلَيْهِ: أَشرَفَ عَلَيْهِ، دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:

فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه، ... وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ

مَعْنَاهُ لَمَّا بَلَغْنَ الْمَاءَ أَقَمْنَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ وارِدٌ مِنْ قَوْمٍ وُرّادٌ، وورَّادٌ مِنْ قومٍ وَرّادين، وَكُلُّ مَنْ أَتى مَكَانًا مَنْهَلًا أَو غَيْرَهُ، فَقَدْ وَرَدَه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَرِدُونَهَا مَعَ الْكُفَّارِ فَيَدْخُلُهَا الْكُفَّارُ وَلَا يَدْخلُها الْمُسْلِمُونَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ آيَةٌ كَثُرَ اخْتِلَافُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا، وَحَكَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَن الْخَلْقَ جَمِيعًا يَرِدُونَ النَّارَ فَيَنْجُو الْمُتَّقِي ويُتْرَك الظَّالِمُ، وَكُلُّهُمْ يَدْخُلُهَا. والوِرْد: خِلَافُ الصَدَر. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا الوُرُودَ وَلَمْ نَعْلَمِ الصُّدور، وَدَلِيلُ مَن قَالَ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا. وَقَالَ قَوْمٌ: الْخَلْقُ يَرِدُونها فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْداً وَسَلَامًا؛ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: إِنّ وُروُدَها لَيْسَ دُخولها وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوِيَّةٌ جِدًّا لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ ورَدْنا مَاءَ كَذَا وَلَمْ يَدْخُلوه. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ

. وَيُقَالُ إِذا بَلَغْتَ إِلى الْبَلَدِ وَلَمْ تَدْخله: قَدْ وَرَدْتَ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبو إِسحاق: وَالْحُجَّةُ قَاطِعَةٌ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها؛ قَالَ: فَهَذَا، وَاللَّهُ أَعلم، دليلُ أَن أَهل الْحُسْنَى لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ. وَفِي اللُّغَةِ: وَرَدَ بَلَدَ كَذَا وَمَاءَ كَذَا إِذا أَشرف عَلَيْهِ، دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ، قَالَ: فالوُرودُ، بالإِجماع، لَيْسَ بِدُخُولٍ. الْجَوْهَرِيُّ: ورَدَ فُلَانٌ وُروُداً حَضَر، وأَورده غَيْرُهُ واسْتَوْرَده أَي أَحْضَره. ابْنُ سِيدَهْ: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كَمَا قَالُوا: عَلَا قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: وَرَدَ مَعَه؛ وأَنشد:

ومُتَّ مِنِّي هَلَلًا، إِنَّما ... مَوْتُكَ، لَوْ وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ

والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً

؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي مُشاةً عِطاشاً، وَالْجَمْعُ أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وَهُمُ الَّذِينَ يَرِدُون الْمَاءَ؛ قَالَ يَصِفُ قَلِيبًا:

صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِيباً سُكّا، ... يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عَلَيْهِ الْتَكّا

وَكَذَلِكَ الإِبل:

وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان

والوِرْدُ: النصيبُ مِنَ الْمَاءِ. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه. والموْرِدةُ: مَأْتاةُ الماءِ، وَقِيلَ: الجادّةُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، فِي دَأَياتِها، ... مَوارِدُ مِنْ خَلقاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ

وَيُقَالُ: مَا لَكَ توَرَّدُني أَي تقدَّم عَلَيَّ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ طَرَفَةَ:

كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ

هُوَ المتقدِّم عَلَى قِرْنِه الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

اتَّقُوا البَرازَ فِي المَوارِدِ

أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الْمَاءِ، وَاحِدُهَا مَوْرِدٌ، وَهُوَ مَفْعِلٌ مِنَ الوُرُودِ. يُقَالُ: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إِذَا حَضَرْتَهُ لِتَشْرَبَ. والوِرد: الْمَاءُ الَّذِي تَرِدُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ: أَخذ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>