للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَهُوَ أَقيس الْقَوْلَيْنِ لِاشْتِهَارِ النَّوَاجِذِ بأَواخر الأَسنان؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

العِرْباض: عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ

أَي تَمَسَّكُوا بِهَا كَمَا يَتَمَسَّكُ الْعَاضُّ بِجَمِيعِ أَضراسه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: وَلَنْ يَلِيَ الناسَ كَقُرَشِيٍّ عَضَّ عَلَى نَاجِذِهِ

أَي صبَرَ وتَصَلَّبَ فِي الأُمور. والمَناجِذُ: الفَأْرُ العُمْيُ، وَاحِدُهَا جُلْذٌ كَمَا أَن المَخَاضَ مِنَ الإِبل إِنما وَاحِدُهَا خَلِفَةٌ، وَرُبَّ شَيْءٍ هَكَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الجُلْذِ، كَذَا قَالَ: الفأْر، ثُمَّ قَالَ: الْعُمْيُ، يَذْهَبُ فِي الفأْر إِلى الْجِنْسِ. والأَنْجُذانُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، هَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ وَنُونُهَا أَصل وإِن لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ أَفْعُلٌ، لَكِنَّ الأَلف وَالنُّونَ مُسَهِّلتان لِلْبِنَاءِ كَالْهَاءِ، وَيَاءُ النَّسَبِ فِي أَسْنمَة وأَيْبُليّ.

نفذ: النَّفاذ: الْجَوَازُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: جوازُ الشَّيْءِ والخلوصُ مِنْهُ. تَقُولُ: نَفَذْت أَي جُزْت، وَقَدْ نَفَذَ يَنْفُذُ نَفَاذاً ونُفُوذاً. وَرَجُلٌ نافِذٌ فِي أَمره، ونَفُوذٌ ونَفَّاذٌ: ماضٍ فِي جَمِيعِ أَمره، وأَمره نَافِذٌ أَي مُطاع. وَفِي حَدِيثِ:

بِرُّ الْوَالِدَيْنِ الاستغفارُ لَهُمَا وإِنْفاذُ عَهْدِهِمَا

أَي إِمضاء وَصِيَّتِهِمَا وَمَا عَهِدا بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُحْرِمِ:

إِذا أَصاب أَهلَه يَنْفُذان لِوَجْهِهِمَا

؛ أَي يَمْضِيَانِ عَلَى حَالِهِمَا وَلَا يُبْطلان حَجَّهُمَا. يُقَالُ: رَجُلٌ نَافِذٌ فِي أَمره أَي مَاضٍ. ونَفَذَ السَّهْمُ الرَّمِيَّةَ ونَفَذَ فِيهَا يَنْفُذُها نَفْذاً ونَفَاذاً: خَالَطَ جَوْفَهَا ثُمَّ خَرَجَ طرَفُه مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ وَسَائِرُهُ فِيهِ. يُقَالُ: نَفَذَ السهمُ مِنَ الرَّمْيَةِ يَنْفُذُ نَفَاذاً ونَفَذَ الكتابُ إِلى فُلَانٍ نَفَاذاً ونُفُوذاً، وأَنْفَذْتُه أَنا، والتَّنْفِيذُ مِثْلُهُ. وَطَعْنَةٌ نَافِذَةٌ: مُنْتَظِمَةُ الشِّقَّيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنَّفاذ، عِنْدَ الأَخْفش، حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ الَّتِي تَكُونُ للإِضمار وَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْ حُرُوفِ الْوَصْلِ غَيْرُهَا نَحْوُ فتحةِ الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ:

رَحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدْوَةً أَحمالَها

وَكَسْرَةُ هَاءِ:

تجرَّدَ الْمَجْنُونُ مِنْ كِسَائِهِ

وَضَمَّةُ هَاءِ:

وبلَدٍ عاميةٍ أَعماؤه

سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَنفذ حَرَكَةَ هَاءِ الْوَصْلِ إِلى حَرْفِ الْخُرُوجِ، وَقَدْ دَلَّتِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَن حَرَكَةَ هَاءِ الْوَصْلِ لَيْسَ لَهَا قُوَّةٌ فِي الْقِيَاسِ مِنْ قِبَلِ أَنّ حُرُوفَ الْوَصْلِ الْمُتَمَكِّنَةَ فِيهِ الَّتِي هِيَ «١» الْهَاءُ مَحْمُولَةٌ فِي الْوَصْلِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الأَلف وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ لَا يَكُنَّ فِي الْوَصْلِ إِلَّا سَوَاكِنَ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ هَاءُ الْوَصْلِ شَابَهَتْ بِذَلِكَ حُرُوفَ الرَّوِيِّ وَتَنَزَّلَتْ حُرُوفُ الْخُرُوجِ مِنْ هَاءِ الْوَصْلِ قَبْلَهَا مَنْزِلَةَ حُرُوفِ الْوَصْلِ مِنْ حَرْفِ الرَّوِيِّ قَبْلَهَا، فَكَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ «٢» نَفاذاً لأَن الصَّوْتَ جَرَى فِيهَا حَتَّى اسْتَطَالَ بِحُرُوفِ الْوَصْلِ وَتَمَكَّنَ بِهَا اللِّينُ، كَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ نَفاذاً لأَن الصَّوْتَ نَفَذَ فِيهَا إِلى الْخُرُوجِ حَتَّى اسْتَطَالَ بِهَا وَتَمَكَّنَ الْمَدُّ فِيهَا. وَنُفُوذُ الشَّيْءِ إِلى الشَّيْءِ: نَحْوُ فِي الْمَعْنَى مِنْ جَرَيَانِهِ نَحْوَهُ، فإِن قُلْتَ: فَهَلَّا سُمِّيَتْ لِذَلِكَ نُفُوذاً لَا نَفَاذاً؟ قيل:


(١). قوله [التي هي] الضمير يعود إلى حروف الوصل، وقوله الهاء مبتدأ ثان.
(٢). قوله [فَكَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الوصل إلخ] كذا بالأَصل وفيه تحريف ظاهر، والأولى أن يقال: فكما سميت حركة الروي مجرى لأَن الصوت جرى إلخ. وقوله وَتَمَكَّنَ بِهَا اللِّينُ كَمَا سميت إلخ الأَولى حذف لفظ كما هذه لأَنه لا معنى لها وقد اغتر صاحب شرح القاموس بهذه النسخة فنقل هذه العبارة بغير تأمل فوقع فيما وقع فيه المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>