للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَصله [ن ف ذ] وَمَعْنَى تَصَرُّفِهَا مَوْجُودٌ فِي النَّفَاذِ وَالنُّفُوذِ جَمِيعًا، أَلا تَرَى أَن النَّفَاذَ هُوَ الحِدَّةُ وَالْمَضَاءُ، وَالنُّفُوذُ هُوَ الْقَطْعُ وَالسُّلُوكُ؟ فَقَدْ تَرَى الْمَعْنَيَيْنِ مُقْتَرِبَيْنِ إِلا أَن النَّفَاذَ كَانَ هُنَا بِالِاسْتِعْمَالِ أَولى، أَلا تَرَى أَنّ أَبا الْحَسَنِ الأَخفش سَمَّى مَا هُوَ نَحْوُ هَذِهِ الْحَرَكَةِ تَعَدِّيًا، وَهُوَ حَرَكَةُ الْهَاءِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:

قَرِيبَةٌ نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضهى

والنَّفَاذُ والحِدَّةُ والمَضَاءُ كُلُّهُ أَدنى إِلى التَّعَدِّي وَالْغُلُوِّ مِنَ الْجَرَيَانِ وَالسُّلُوكِ، لأَن كُلَّ مُتَعَدٍّ مُتَجَاوِزٌ وَسَالِكٌ، فَهُوَ جَارٍ إِلى مَدًى مَا وَلَيْسَ كُلُّ جَارٍ إِلى مَدًى مُتَعَدِّيًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِيَاسِ تَحْرِيكُ هَاءِ الْوَصْلِ سُمِّيَتْ حَرَكَتُهَا نَفَاذًا لِقُرْبِهِ مِنْ مَعْنَى الإِفراط وَالْحِدَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْقِيَاسُ فِي الرَّوِيِّ أَن يَكُونَ مُتَحَرِّكًا سُمِّيَتْ حَرَكَتُهُ الْمُجْرَى، لأَن ذَلِكَ عَلَى مَا بيَّنا أَخفض رُتْبَةً مِنَ النَّفَاذِ الْمَوْجُودِ فِيهِ مَعْنَى الْحِدَّةِ وَالْمَضَاءِ الْمُقَارَبِ لِلتَّعَدِّي والإِفراط، فَلِذَلِكَ اخْتِيرَ لِحَرَكَةِ الرَّوِيِّ الْمُجْرَى، وَلِحَرَكَةِ هَاءِ الْوَصْلِ النَّفَاذُ، وَكَمَا أَن الْوَصْلَ دُونَ الْخُرُوجِ فِي الْمَعْنَى لأَن الْوَصْلَ مَعْنَاهُ الْمُقَارَبَةُ وَالِاقْتِصَادُ، والخروج فيه مَعْنَى التَّجَاوُزِ والإِفراط، كَذَلِكَ الْحَرَكَتَانِ المؤدِّيتان أَيضاً إِلى هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّقَارُبِ مَا بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ الْحَادِثَيْنِ عَنْهُمَا، أَلا تَرَى أَن اسْتِعْمَالَهُمْ [ن ف ذ] بِحَيْثُ الإِفراط وَالْمُبَالَغَةُ؟ وأَنْفَذَ الأَمر: قَضَاهُ. والنَّفَذُ: اسْمُ الإِنْفَاذِ. وأَمر بِنَفَذِهِ أَي بإِنْفاذِهِ. التَّهْذِيبُ: وأَما النَّفَذُ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ إِنْفاذِ الأَمر؛ تَقُولُ: قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِنَفَذِ الْكِتَابِ أَي بإِنفاذ مَا فِيهِ. وَطَعْنَةٌ لَهَا نَفَذٌ أَي نَافِذَةٌ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:

طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ الْقَيْسِ طَعْنَةَ ثائرٍ، ... لَهَا نَفَذٌ، لَوْلَا الشُّعاعُ أَضاءها

وَالشُّعَاعُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ الدَّمِ؛ أَراد بِالنَّفْذِ المَنْفَذ. يَقُولُ: نَفَذَتِ الطَّعْنَةُ أَي جَاوَزَتِ الْجَانِبَ الْآخَرَ حَتَّى يُضيءَ نَفَذُها خرقَها، وَلَوْلَا انْتِشَارُ الدَّمِ الْفَائِرِ لأَبصر طَاعِنُهَا مَا وَرَاءَهَا. أَراد لَهَا نَفَذٌ أَضاءها لَوْلَا شُعَاعُ دَمِهَا؛ ونَفَذُها: نُفُوذُهَا إِلى الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ دَوَائِرِ الْفَرَسِ دَائِرَةٌ نَافِذَةٌ وَذَلِكَ إِذا كَانَتِ الهَقْعَة فِي الشِّقَّين جَمِيعًا، فإِن كَانَتْ فِي شَقٍّ وَاحِدٍ فَهِيَ هَقْعَةٌ. وأَتى بِنَفَذ مَا قَالَ أَي بِالْمَخْرَجِ مِنْهُ. وَالنَّفَذُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَخْرج والمَخْلص؛ وَيُقَالُ لِمَنْفَذِ الْجِرَاحَةِ: نفَذٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَيما رَجُلٍ أَشادَ عَلَى مُسْلِمٍ بِمَا هُوَ بريءٌ مِنْهُ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَن يُعَذِّبَهُ أَو يأْتي بِنَفَذِ مَا قَالَ

أَي بالمَخْرَج مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنكم مَجْمُوعُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَنْفُذُكم البصرُ

؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَنفذت الْقَوْمَ إِذا خَرَقْتَهُمْ وَمَشَيْتَ فِي وَسَطِهِمْ، فإِن جُزْتَهُمْ حَتَّى تُخَلِّفَهم قُلْتَ: نفَذْتُهم بِلَا أَلف أَنْفُذُهم، قَالَ: وَيُقَالُ فِيهَا بالأَلف؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَعْنَى أَنه يَنْفُذُهُمْ بَصَرُ الرَّحْمَنِ حَتَّى يأْتي عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ نفَذَني بصرُه يَنْفُذُني إِذا بَلَغَنِي وَجَاوَزَنِي؛ وَقِيلَ: أَراد يَنْفُذُهم بَصَرُ النَّاظِرِ لِاسْتِوَاءِ الصَّعِيدِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وإِنما هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَي يَبْلُغُ أَولهم وَآخِرَهُمْ حَتَّى يَرَاهُمْ كُلَّهُمْ وَيَسْتَوْعِبَهُمْ، مِنْ نَفَدَ الشيءَ وأَنفَدْته؛ وحملُ الْحَدِيثِ عَلَى بَصَرِ الْمُبْصِرِ أَولى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى بَصَرِ الرَّحْمَنِ، لأَن اللَّهَ يَجْمَعُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَرض يَشْهَدُ جميعُ الْخَلَائِقِ فِيهَا مُحَاسَبَةَ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَيَرَوْنَ مَا يَصِيرُ إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَنس: جُمعوا فِي صَرْدَحٍ يَنْفُذُهم الْبَصَرَ وَيَسْمَعُهُمُ الصَّوْتَ.

وأَمرٌ نَفِيذٌ: مُوَطَّأٌ. والمُنْتَفَذُ: السَّعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>