للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المطرُ الطينَ والترابَ سَحْراً: أَفسده فَلَمْ يَصْلُحْ لِلْعَمَلِ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا نَبَتَ إِنما هِيَ قاعٌ قَرَقُوسٌ. أَرض مَسْحُورَةٌ «١»: قليلةُ اللَّبَنِ. وَقَالَ: إِن اللَّسَقَ يَسْحَرُ أَلبانَ الْغَنَمِ، وَهُوَ أَن يُنْزِلَ اللَّبَنَ قَبْلَ الْوِلَادِ. والسَّحْر والسحَر: آخِرُ اللَّيْلِ قُبَيْل الصُّبْحِ، وَالْجَمْعِ أَسحارٌ. والسُّحْرَةُ: السَّحَرُ، وَقِيلَ: أَعلى السَّحَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ثُلْثِ اللَّيْلِ الآخِر إِلى طُلُوعِ الْفَجْرِ. يُقَالُ: لَقِيتُهُ بسُحْرة، وَلَقِيتُهُ سُحرةً وسُحْرَةَ يَا هَذَا، وَلَقِيتُهُ سَحَراً وسَحَرَ، بِلَا تَنْوِينٍ، وَلَقِيتُهُ بالسَّحَر الأَعْلى، وَلَقِيتُهُ بأَعْلى سَحَرَيْن وأَعلى السَّحَرَين، فأَما قَوْلُ الْعَجَّاجِ:

غَدَا بأَعلى سَحَرٍ وأَحْرَسَا

فَهُوَ خطأٌ، كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُولَ: بأَعلى سَحَرَيْنِ، لأَنه أَوَّل تنفُّس الصُّبْحِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:

مَرَّتْ بأَعلى سَحَرَيْنِ تَدْأَلُ

ولقيتُه سَحَرِيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وسَحَرِيَّتَها؛ قَالَ:

فِي ليلةٍ لَا نَحْسَ فِي ... سَحَرِيِّها وعِشائِها

أَراد: وَلَا عَشَائِهَا. الأَزهري: السَّحَرُ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. وأَسحَرَ القومُ: صَارُوا فِي السَّحَر، كَقَوْلِكَ: أَصبحوا. وأَسحَرُوا واستَحَرُوا: خَرَجُوا فِي السَّحَر. واسْتَحَرْنا أَي صِرْنَا فِي ذَلِكَ الوقتِ، ونَهَضْنا لِنَسير فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلِ زُهَيْرٍ:

بَكَرْنَ بُكُوراً واستَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ

وتقول: لَقِيتُه سَحَرَ يَا هَذَا إِذا أَردتَ بِهِ سَحَر ليلَتِك، لَمْ تَصْرِفْهُ لأَنه مَعْدُولٌ عَنِ الأَلف وَاللَّامِ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، وَقَدْ غُلِّبَ عَلَيْهِ التعريفُ بِغَيْرِ إِضافة وَلَا أَلف وَلَا لَامٍ كَمَا غُلِّبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ بَنِيهِ، وإِذا نكَّرْتَ سَحَر صرفتَه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ

؛ أَجراهُ لأَنه نكرةٌ، كَقَوْلِكَ نَجَّيْنَاهُمْ بِلَيْلٍ؛ قَالَ: فإِذا أَلقَتِ العربُ مِنْهُ الباءَ لَمْ يُجْرُوهُ فَقَالُوا: فَعَلْتَ هَذَا سَحَرَ يَا فَتَى، وكأَنهم فِي تَرْكِهِمْ إِجراءه أَن كَلَامَهُمْ كَانَ فِيهِ بالأَلف وَاللَّامِ فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ الأَلف وَاللَّامُ وَفِيهِ نِيَّتُهُمَا لَمْ يُصْرَفْ، وكلامُ الْعَرَبِ أَن يَقُولُوا: مَا زَالَ عِنْدَنَا مُنْذُ السَّحَرِ، لَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ غَيْرَهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: سَحَرٌ إِذا كَانَ نَكِرَةً يُرَادُ سَحَرٌ مِنَ الأَسحار انْصَرَفَ، تَقُولُ: أَتيت زَيْدًا سَحَراً مِنَ الأَسحار، فإِذا أَردت سَحَرَ يَوْمِكَ قُلْتَ: أَتيته سَحَرَ يَا هَذَا، وأَتيته بِسَحَرَ يَا هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ. وَتَقُولُ: سِرْ عَلَى فَرَسِكَ سَحَرَ يَا فَتَى فَلَا تَرْفَعْهُ لأَنه ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، وإِن سَمَّيْتَ بسَحَر رَجُلًا أَو صَغَّرْتَهُ انْصَرَفَ لأَنه لَيْسَ عَلَى وَزْنِ الْمَعْدُولِ كَأُخَرَ، تَقُولُ: سِرْ عَلَى فَرَسِكَ سُحَيْراً وإِنما لَمْ تَرْفَعْهُ لأَن التَّصْغِيرَ لَمْ يُدْخِله فِي الظُّرُوفِ الْمُتَمَكِّنَةِ كَمَا أَدخله فِي الأَسماء الْمُنْصَرِفَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ فَلَاةً:

مُغَمِّض أَسحارِ الخُبُوتِ إِذا اكْتَسَى، ... مِن الآلِ، جُلأً نازحَ الماءِ مُقْفِر

قِيلَ: أَسحار الْفَلَاةِ أَطرافها. وسَحَرُ كُلِّ شَيْءٍ: طَرَفُه. شُبِّهَ بأَسحار اللَّيَالِي وَهِيَ أَطراف مَآخِرُهَا؛ أَراد مُغْمَضَ أَطراف خَبْوَتِهِ فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ فَقَامَا مَقَامَ الإِضافة. وسَحَرُ الْوَادِي: أَعلاه. الأَزهري: سَحَرَ إِذا


(١). قوله: [أرض مسحورة إلخ] كذا بالأَصل. وعبارة الأَساس: وعنز مسحورة قليلة اللبن وأرض مسحورة لا تنبت

<<  <  ج: ص:  >  >>