تَبَاعَدَ، وسَحَرَ خَدَعَ، وسَحِرَ بَكَّرَ. واستَحَرَ الطائرُ: غَرَّد بسَحَرٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَمامِ، ... وريحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ،
يُعَلُّ بِهِ بَرْدُ أَنيابِها، ... إِذا طَرَّبَ الطائِرُ المُسْتَحِرْ
والسَّحُور: طعامُ السَّحَرِ وشرابُه. قَالَ الأَزهري: السَّحور مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَقْتَ السَّحَرِ مِنْ طَعَامٍ أَو لَبَنٍ أَو سَوِيقٍ وَضَعَ اسْمًا لِمَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الْوَقْتَ؛ وَقَدْ تَسَحَّرَ الرَّجُلُ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَي أَكله، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السَّحور فِي الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ، وأَكثر مَا رُوِيَ بِالْفَتْحِ؛ وَقِيلَ: الصَّوَابُ بِالضَّمِّ لأَنه بِالْفَتْحِ الطَّعَامُ وَالْبَرَكَةُ، والأَجر وَالثَّوَابُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الطَّعَامِ؛ وَتَسَحَّرَ: أَكل السَّحورَ. والسَّحْرُ والسَّحَرُ والسُّحْرُ: مَا الْتَزَقَ بِالْحُلْقُومِ والمَرِيء مِنْ أَعلى الْبَطْنِ. وَيُقَالُ لِلْجَبَانِ: قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُه، وَيُقَالُ ذَلِكَ أَيضاً لِمَنْ تَعَدَّى طَوْرَه. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا نَزَتْ بِالرَّجُلِ البِطْنَةُ يُقَالُ: انْتَفَخَ سَحْرُه، مَعْنَاهُ عَدَا طَوْرَهُ وَجَاوَزَ قدرَه؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ إِنما يُقَالُ انْتَفَخَ سَحْرُه لِلْجَبَانِ الَّذِي مَلأَ الْخَوْفُ جَوْفَهُ، فَانْتَفَخَ السَّحْرُ وَهُوَ الرِّئَةُ حَتَّى رَفَعَ القلبَ إِلَى الحُلْقوم، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ؛ كلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن انْتِفَاخَ السَّحْر مَثَلٌ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَتَمَكُّنِ الْفَزَعِ وأَنه لَا يَكُونُ مِنَ الْبِطْنَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ للأَرنب: المُقَطَّعَةُ الأَسحارِ، وَالْمُقَطَّعَةُ السُّحُورِ، والمقطعةُ النِّياط، وَهُوَ عَلَى التَّفَاؤُلِ، أَي سَحْرُه يُقَطَّعُ عَلَى هَذَا الِاسْمِ. وَفِي المتأَخرين مَنْ يَقُولُ: المُقَطِّعَة، بِكَسْرِ الطَّاءِ، أَي مِنْ سُرْعَتِهَا وَشِدَّةِ عَدْوِهَا كأَنها تُقَطَّعُ سَحْرَها ونِياطَها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ يَوْمِ بَدْرٍ: قَالَ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ انتَفَخَ سَحْرُك
أَي رِئَتُك؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْجَبَانِ وكلِّ ذِي سَحْرٍ مُسَحَّرٍ. والسَّحْرُ أَيضاً: الرِّئَةُ، وَالْجَمْعُ أَسحارٌ وسُحُرٌ وسُحُورٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَربط ذِي مَسَامِعَ، أَنتَ، جأْشا، ... إِذا انْتَفَخَتْ مِنَ الوَهَلِ السُّحورُ
وَقَدْ يُحَرَّكُ فَيُقَالُ سَحَرٌ مِثَالُ نَهْرٍ ونَهَرٍ لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ. والسَّحْرُ أَيضاً: الْكَبِدُ. والسَّحْرُ: سوادُ الْقَلْبِ وَنَوَاحِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلْبُ، وَهُوَ السُّحْرَةُ أَيضاً؛ قَالَ:
وإِني امْرُؤٌ لَمْ تَشْعُرِ الجُبْنَ سُحْرَتي، ... إِذا مَا انطَوَى مِنِّي الفُؤادُ عَلَى حِقْدِ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي
؛ السَّحْرُ الرِّئَةُ، أَي مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلى صَدْرِهَا وَمَا يُحَاذِي سَحْرَها مِنْهُ؛ وَحَكَى الْقُتَيْبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ، وأَنه سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَشَبَّكَ بَيْنَ أَصابعه وَقَدَّمَهَا عَنْ صَدْرِهِ، وكأَنه يَضُمُّ شَيْئًا إِليه، أَي أَنه مَاتَ وَقَدْ ضَمَّتْهُ بِيَدَيْهَا إِلى نَحْرِهَا وَصَدْرِهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا والشَّجْرُ: التَّشْبِيكُ، وَهُوَ الذَّقَنُ أَيضاً، وَالْمَحْفُوظُ الأَوَّل، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وسَحَرَه، فَهُوَ مَسْحُورٌ وسَحِيرٌ: أَصاب سَحْرَه أَو سُحْرَه أَو سُحْرَتَه «٢».
(٢). قوله: [أو سحرته] كذا ضبط الأصل. وفي القاموس وشرحه السحر، بفتح فسكون وقد يحرك ويضم فهي ثلاث لغات وزاد الخفاجي بكسر فسكون انتهى بتصرف