للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْرِ كَانَتْ صَاحِبي

أَراد أُم عَمْرٍو، وَمَنْ رَوَاهُ أُم الْغَمْرِ فَلَا كَلَامَ فِيهِ لأَن الْغَمْرَ صِفَةٌ فِي الأَصل فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الحرث وَالْعَبَّاسِ، وَمَنْ جَعَلَ الْخُشَّعُ صِفَةً فإِنه سَمَّاهَا بِمَا آلَتْ إِليه. وَالْجَمْعُ أَسْوارٌ وسِيرَانٌ. وسُرْتُ الحائطَ سَوْراً وتَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ. وتَسَوَّرَ الحائطَ: تَسَلَّقَه. وتَسَوَّرَ الْحَائِطَ: هَجَمَ مِثْلَ اللِّصِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَفِي حَدِيثِ

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ أَبي قَتَادَةَ

أَي عَلَوْتُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

شَيْبَةَ: لَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ

أَي أَرتفع إِليه وَآخُذُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَتَساوَرْتُ لَهَا

؛ أَي رَفَعْتُ لَهَا شَخْصِي. يُقَالُ: تَسَوَّرْتُ الْحَائِطَ وسَوَّرْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ

؛ وأَنشد:

تَسَوَّرَ الشَّيْبُ وخَفَّ النَّحْضُ

وتَسَوَّرَ عَلَيْهِ: كَسَوَّرَهُ والسُّورَةُ: الْمَنْزِلَةُ، وَالْجَمْعُ سُوَرٌ وسُوْرٌ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، والسُّورَةُ مِنَ الْبِنَاءِ: مَا حَسُنَ وَطَالَ. الْجَوْهَرِيُّ: والسُّوْرُ جَمْعُ سُورَة مِثْلُ بُسْرَة وبُسْرٍ، وَهِيَ كُلُّ مَنْزِلَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ؛ وَمِنْهُ سُورَةُ الْقُرْآنِ لأَنها منزلةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ مقطوعةٌ عَنِ الأُخرى وَالْجَمْعُ سُوَرٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

هُنَّ الحرائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ، ... سُودُ المحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُجْمَعَ عَلَى سُوْرَاتٍ وسُوَرَاتٍ. ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَتِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةً لأَنها دَرَجَةٌ إِلى غَيْرِهَا، وَمَنْ هَمَزَهَا جَعَلَهَا بِمَعْنَى بَقِيَّةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وقِطْعَة، وأَكثر الْقُرَّاءِ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزَةِ فِيهَا؛ وَقِيلَ: السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ سُؤْرَةِ الْمَالِ، تُرِكَ هَمْزُهُ لَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فإِنه زَعَمَ أَنه مُشْتَقٌّ مِنْ سُورة الْبِنَاءِ، وأَن السُّورَةَ عِرْقٌ مِنْ أَعراق الْحَائِطِ، وَيُجْمَعُ سُوْراً، وَكَذَلِكَ الصُّورَةُ تُجْمَعُ صُوْراً؛ وَاحْتَجَّ أَبو عُبَيْدَةَ بِقَوْلِهِ:

سِرْتُ إِليه في أَعالي السُّوْرِ

وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه رَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ قَوْلَهُ وَقَالَ: إِنما تُجْمَعُ فُعْلَةٌ عَلَى فُعْلٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ إِذا سَبَقَ الجمعَ الواحِدُ مِثْلَ صُوفَةٍ وصُوفٍ، وسُوْرَةُ الْبِنَاءِ وسُوْرُهُ، فالسُّوْرُ جَمْعٌ سَبَقَ وُحْدَانَه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ

؛ قَالَ: والسُّور عِنْدَ الْعَرَبِ حَائِطُ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ أَشرف الْحِيطَانِ، وَشَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَائِطَ الَّذِي حَجَزَ بَيْنَ أَهل النَّارِ وأَهل الْجَنَّةِ بأَشرف حَائِطٍ عَرَفْنَاهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ اسْمٌ وَاحِدٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، إِلا أَنا إِذا أَردنا أَن نعرِّف العِرْقَ مِنْهُ قُلْنَا سُورَةٌ كَمَا نَقُولُ التَّمْرُ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْجِنْسِ، فإِذا أَردنا مَعْرِفَةَ الْوَاحِدَةِ مِنَ التَّمْرِ قُلْنَا تَمْرَةٌ، وكلُّ مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ فَهِيَ سُورَةٌ مأْخوذة مِنْ سُورَةِ الْبِنَاءِ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعطاكَ سُورَةً، ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ؟

مَعْنَاهُ: أَعطاك رِفْعَةً وَشَرَفًا وَمَنْزِلَةً، وَجَمْعُهَا سُوْرٌ أَي رِفَعٌ. قَالَ: وأَما سُورَةُ الْقُرْآنِ فإِنَّ اللَّهَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، جَعَلَهَا سُوَراً مِثْلَ غُرْفَةٍ وغُرَفٍ ورُتْبَةٍ ورُتَبٍ وزُلْفَةٍ وزُلَفٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنه لَمْ يَجْعَلْهَا مِنْ سُور الْبِنَاءِ لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْ سُور الْبِنَاءِ لَقَالَ: فأْتُوا بِعَشْرِ سُوْرٍ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: بِعَشْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>