للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُوَرٍ، وَالْقُرَّاءُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى سُوَرٍ، وَكَذَلِكَ اجْتَمَعُوا عَلَى قِرَاءَةِ سُوْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ

، وَلَمْ يقرأْ أَحد: بِسُوَرٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَمَيُّزِ سُورَةٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عَنْ سُورَةٍ مِنْ سُوْرِ الْبِنَاءِ. قَالَ: وكأَن أَبا عُبَيْدَةَ أَراد أَن يُؤَيِّدَ قَوْلَهُ فِي الصُّورِ أَنه جَمْعُ صُورَةٍ فأَخطأَ فِي الصُّورِ والسُّورِ، وحرَّفَ كَلَامَ الْعَرَبِ عَنْ صِيغَتِهِ فأَدخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، خُذْلَانًا مِنَ اللَّهِ لِتَكْذِيبِهِ بأَن الصُّورَ قَرْنٌ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّفْخِ فِيهِ حَتَّى يُمِيتَ الْخَلْقَ أَجمعين بِالنَّفْخَةِ الأُولى، ثُمَّ يُحْيِيهِمْ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ حَسِيبُهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: والسُّورَةُ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عِنْدَنَا قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ سَبَقَ وُحْدانُها جَمْعَها كَمَا أَن الغُرْفَة سَابِقَةٌ للغُرَفِ، وأَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَجَعَلَهُ مُفَصَّلًا، وبيَّن كُلَّ سُورَةٍ بِخَاتِمَتِهَا وَبَادِئَتِهَا وَمَيَّزَهَا مِنَ الَّتِي تَلِيهَا؛ قَالَ: وكأَن أَبا الْهَيْثَمِ جَعَلَ السُّورَةَ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ مِنْ أَسْأَرْتُ سُؤْراً أَي أَفضلت فَضْلًا إِلا أَنها لَمَّا كَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْقُرْآنِ تُرِكَ فِيهَا الْهَمْزُ كَمَا تُرِكَ فِي المَلَكِ وَرَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ، قَالَ الأَزهري: فَاخْتَصَرْتُ مَجَامِعَ مَقَاصِدِهِ، قَالَ: وَرُبَّمَا غُيِّرَتْ بَعْضُ أَلفاظه وَالْمَعْنَى مَعْنَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: سُورَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَدُّهُ. ابْنُ الأَعرابي: السُّورَةُ الرِّفْعَةُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، أَي رِفْعَةٌ وَخَيْرٌ، قَالَ: فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَبي عُبَيْدَةَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْبَصْرِيُّونَ جَمَعُوا الصُّورَةَ والسُّورَةَ وَمَا أَشبهها صُوَراً وصُوْراً وسُوَراً وسُوْراً وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَا سَبَقَ جَمْعُهُ وُحْدَانَه وَبَيْنَ مَا سَبَقَ وُحْدانُهُ جَمْعَه، قَالَ: وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو الْهَيْثَمِ هُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ «٤» ... بِهِ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ الأَعرابي: السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ مَعْنَاهَا الرِّفْعَةُ لإِجلال الْقُرْآنِ، قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ للرجل سُرْسُرْ إِذا أَمرته بِمَعَالِي الأُمور. وسُوْرُ الإِبل: كِرَامُهَا؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشدوا فِيهِ رَجَزًا لَمْ أَسمعه، قَالَ أَصحابنا؛ الْوَاحِدَةُ سُورَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الصُّلْبَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْهَا. وَبَيْنَهُمَا سُورَةٌ أَي عَلَامَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسِّوارُ والسُّوَارُ القُلْبُ: سِوَارُ المرأَة، وَالْجَمْعُ أَسْوِرَةٌ وأَساوِرُ، الأَخيرة جَمْعُ الْجَمْعِ، وَالْكَثِيرُ سُوْرٌ وسُؤُورٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَوَجَّهَهَا سِيبَوَيْهِ عَلَى الضَّرُورَةِ، والإِسْوَار «٥». كالسِّوَارِ، وَالْجَمْعُ أَساوِرَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى الإِسْوَارِ لُغَةً فِي السِّوَارِ وَنَسَبَ هَذَا الْقَوْلَ إِلى أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَنْفَرِدْ أَبو عَمْرٍو بِهَذَا الْقَوْلِ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الأَحوص:

غادَةٌ تَغْرِثُ الوِشاحَ، ولا يَغْرَثُ ... مِنْهَا الخَلْخَالُ والإِسْوَارُ

وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:

يَطُفْنَ بِه رَأْدَ الضُّحَى ويَنُشْنَهُ ... بِأَيْدٍ، تَرَى الإِسْوَارَ فِيهِنَّ أَعْجَمَا

وَقَالَ العَرَنْدَسُ الْكِلَابِيُّ:

بَلْ أَيُّها الرَّاكِبُ المُفْنِي شَبِيبَتَهُ، ... يَبْكِي عَلَى ذَاتِ خَلْخَالٍ وإِسْوَارِ

وَقَالَ المَرَّارُ بنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيُّ:

كَمَا لاحَ تِبْرٌ فِي يَدٍ لمَعَتْ بِه ... كَعَابٌ، بَدا إِسْوَارُهَا وخَضِيبُها


(٤). كذا بياض بالأصل ولعل محله: وسنذكره في بابه
(٥). قوله: [والإسوار] كذا هو مضبوط في الأَصل بالكسر في جميع الشواهد الآتي ذكرها، وفي القاموس الأسوار بالضم. قال شارحه ونقل عن بعضهم الكسر أَيضاً كما حققه شيخنا والكل معرب دستوار بالفارسية

<<  <  ج: ص:  >  >>