للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَاحِبِهِ، فإِذا اسْتَتَرَ مِنْهَا بِشَيْءٍ خَذَم صاحبُه مَا يَلِيه حَتَّى يَخْلُصَ إِليه، فَمَا زَالَا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهَا غُصْن وأَفضى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّجَرَةُ العُمْريَّة هِيَ الْعَظِيمَةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي أَتى عَلَيْهَا عُمْرٌ طَوِيلٌ. يُقَالُ لِلسِّدْرِ الْعَظِيمِ النَّابِتِ عَلَى الأَنهار: عُمْرِيّ وعُبْرِيّ عَلَى التَّعَاقُبِ. وَيُقَالُ: عَمَر اللهُ بِكَ منزِلَك يَعْمُره عِمارة وأَعْمَره جعلَه آهِلًا. وَمَكَانٌ عامِرٌ: ذُو عِمَارةٍ. وَمَكَانٌ عَمِيرٌ: عامِرٌ. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ أَعْمَر الرجلُ منزلَه بالأَلف. وأَعْمَرْتُ الأَرضَ: وَجَدْتُهَا عَامِرَةً. وثوبٌ عَمِيرٌ أَي صَفِيق. وعَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فَهُوَ عامِرٌ أَي مَعْمورٌ، مِثْلُ دافقٍ أَي مَدْفُوقٌ، وَعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ أَي مَرْضِيّة. وعَمَر الرجلُ مالَه وبيتَه يَعْمُره عِمارةً وعُموراً وعُمْراناً: لَزِمَه؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لأَبي نُخَيْلَةَ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:

أَدامَ لَهَا العَصْرَيْنِ رَيّاً، وَلَمْ يَكُنْ ... كَمَا ضَنَّ عَنْ عُمْرانِها بِالدَّرَاهِمِ

وَيُقَالُ: عَمِرَ فُلَانٌ يَعْمَر إِذا كَبِرَ. وَيُقَالُ لِسَاكِنِ الدَّارِ: عامِرٌ، وَالْجَمْعُ عُمّار. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ بِإِزَاءِ الْكَعْبَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلف مَلَكٍ يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يَعُودُونَ إِليه. والمَعْمورُ: المخدومُ. وعَمَرْت رَبِّي وحَجَجْته أَي خَدَمْتُهُ. وعَمَر المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ وعَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وأَعْمَره المكانَ واسْتَعْمَره فِيهِ: جَعَلَهُ يَعْمُره. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها

؛ أَي أَذِن لَكُمْ فِي عِمارتها واستخراجِ قومِكم مِنْهَا وجعَلَكم عُمَّارَها. والمَعْمَرُ: المَنْزِلُ الْوَاسِعُ مِنْ جِهَةِ الْمَاءِ والكلإِ الَّذِي يُقامُ فِيهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:

يَا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ

وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعُ: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا، يَبْغِينَك في الأَرض مَعْمَرا أَي يَبْغِينَ لَكَ منزلًا، كقوله تعالى: يَبْغُونَها عِوَجاً*؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:

فرأَيتُ مَا فِيهِ فثُمَّ رُزِئْتُه، ... فبَقِيت بَعْدَك غيرَ رَاضِي المَعْمَرِ

وَالْفَاءُ هُنَاكَ فِي قَوْلِهِ: فثُمَّ رُزِئته، زَائِدَةٌ وَقَدْ زِيدَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ مِنْهَا بَيْتُ الْكِتَابِ:

لَا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه، ... فإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذَلِكَ فاجْزَعِي

فَالْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ لَا تَكُونُ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةَ، وَذَلِكَ لأَن الظَّرْفَ مَعْمُولُ اجْزَع فَلَوْ كَانَتِ الْفَاءُ الثَّانِيَةُ هِيَ جَوَابَ الشَّرْطِ لَمَا جَازَ تَعَلُّقُ الظَّرْفِ بِقَوْلِهِ اجْزَعْ، لأَن مَا بعد هذا الْفَاءِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا، فإِذا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْفَاءُ الأُولى هِيَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ أَرضَ بَنِي فُلَانٍ فأَعْمَرْتُها أَي وَجَدْتُهَا عامِرةً. والعِمَارةُ: مَا يُعْمَر بِهِ الْمَكَانُ. والعُمَارةُ: أَجْرُ العِمَارة. وأَعْمَرَ عَلَيْهِ: أَغناه. والعُمْرة: طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. والعُمْرة فِي الْحَجِّ: مَعْرُوفَةٌ، وَقَدِ اعْتَمر، وأَصله مِنَ الزِّيَارَةِ، وَالْجَمْعُ العُمَر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى العُمْرة فِي الْعَمَلِ الطوافُ بِالْبَيْتِ والسعيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَطْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ والعُمْرةِ أَن العُمْرة تَكُونُ للإِنسان فِي السَّنَة كُلِّهَا وَالْحَجُّ وَقْتٌ وَاحِدٌ فِي السَّنَةِ؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَن يُحْرَمَ بِهِ إِلا فِي أَشهر الْحَجِّ شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وتمامُ العُمْرة أَن يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْحَجُّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>