للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بناتِ الأَوْبَرِ

إِنما أَراد بَنَاتَ أَوبر فَقَالَ: كُلُّ مَنْ ضَرَبَهُ أَي ضَرَبَ فِيهِ وَتِدًا أَو نَزَلَهُ، وَقِيلَ: يَعْنِي المُنْذِر بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ لِسيادتهِ، وَيُرْوَى الوِلاء، بِالْكَسْرِ، حَكَى الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: مَاتَ مَنْ كَانَ يحسن تفسير بيت الحرث بْنِ حِلِّزَةَ: زَعَمُوا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر «١». قال أَبو عمر: العَيْر هُوَ النَّاتِئُ فِي بُؤْبُؤِ الْعَيْنِ، وَمَعْنَاهُ أَن كُلَّ مَنِ انْتَبَه مِنْ نَوْمِه حَتَّى يَدُورَ عَيْرُه جَنى جِنَايَةً فَهُوَ مَوْلًى لَنَا؛ يَقُولُونَهُ ظُلْمًا وتجَنّياً؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَتيتك قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرى أَي قَبْلَ أَن يَنْتَبِهَ نَائِمٌ. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ: وَمَا جَرَى، أَرادوا وجَرْيه، أَرادوا الْمَصْدَرَ. وَيُقَالُ: مَا أَدري أَيّ مَن ضَرَبَ العَيْر هُوَ، أَي أَيّ النَّاسِ هُوَ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. والعَيْرانِ: المَتْنانِ يَكْتَنِفَانِ جَانِبَيِ الصُّلْب. والعَيْرُ: الطَّبْل. وعارَ الفرسُ والكلبُ يَعِير عِياراً: ذَهَبَ كأَنه مُنْفَلت مِنْ صَاحِبِهِ يَتَرَدَّدُ وَمِنْ أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ الْمُتَرَدِّدُ، وَبِهِ سُمِّيَ العَيْرُ لأَنه يَعِير فَيَتَرَدَّدُ فِي الْفَلَاةِ. وعارَ الفرسُ إِذا ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ وَتَبَاعَدَ عَنْ صَاحِبِهِ. وعارَ الرجلُ فِي الْقَوْمِ يضربُهم: مِثْلُ عَاثَ. الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ نَافِرًا ذَاهِبًا فِي الأَرض. وَفَرَسٌ عَيّار بأَوصالٍ أَي يَعِير هَاهُنَا وَهَاهُنَا مِنْ نَشَاطِهِ. وَفَرَسٌ عَيّار إِذا نَشِط فرَكِبَ جَانِبًا ثُمَّ عَدَلَ إِلى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ نَشَاطِهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

وَلَقَدْ رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا، ... غَنَظُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي مَثَلِ الْعَرَبِ: غَنَظُوه غَنْظَ جَرَادَةِ الْعَيَّارِ؛ قَالَ: العَيّار رَجُلٌ، وَجَرَادَةٌ فَرَسٌ؛ قَالَ: وَغَيْرُهُ يُخَالِفُهُ وَيَزْعُمُ أَن جَرَادَةَ الْعَيَّارِ جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وَقِيلَ: أَراد بِجَرَادَةِ العَيَّار جَرَادَةً وَضَعَهَا فِي فِيهِ فأَفْلَتت مِنْ فِيهِ، قَالَ: وغَنَظَه ووكَظَه يَكِظُه وَكْظاً، وَهِيَ المُواكَظَة والمُواظبة، كُلُّ ذَلِكَ إِذا لَازَمَهُ وغمَّه بِشِدَّةِ تَقاضٍ وخُصومة؛ وَقَالَ:

لَوْ يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً، ... مالُوا بسَلْمَى، وَلَمْ يَعْدِلهْمُ أَحَدُ

وَقَصِيدَةٌ عَائِرَةٌ: سائرة، والفعل كالفعل، د وَالِاسْمُ العِيَارة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يمُرّ بِالتَّمْرَةِ العائِرةِ فَمَا يَمْنعُه مِنْ أَخذها إِلَّا مَخافةُ أَن تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ

؛ الْعَائِرَةُ: السَّاقِطَةُ لَا يُعْرَف لَهَا مَالِكٌ، مِنْ عارَ الفرسُ إِذا انْطَلَقَ مِنْ مرْبطه مَارًّا عَلَى وَجْهِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

مَثلُ المُنافِق مَثَلُ الشاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ غَنَمْينِ

أَي الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ قَطِيعين لَا تَدْري أَيّهما تَتْبَع. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ فِي الْكَلْبِ الَّذِي دَخَلَ حائِطَه: إِنما هُوَ عائرٌ

؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:

أَنَّ فَرَسًا لَهُ عارَ

أَي أَفْلَت وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ. وَرَجُلٌ عَيّار: كَثِيرُ الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ فِي الأَرض، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الأَسد بِذَلِكَ لِتَرَدُّدِهِ وَمَجِيئِهِ وَذَهَابِهِ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ: قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

لَيْثٌ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِيّ هِبْرِية، ... كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ «٢»

. أَي يَذْهَبُ بِهَا وَيَجِيءُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ رَوَاهُ عَيَّارٌ، بِالرَّاءِ، فَمَعْنَاهُ أَنه يَذْهَبُ بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته،


(١). البيت
(٢). قوله: [كالمزبراني إلخ] قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: ورواه المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذَهَبَ إِلى زُبْرَةِ الأَسد فَقَالَ لَهُ الأَصمعي: يَا عَجَبَاهُ الشَّيْءُ يُشَبَّهُ بِنَفْسِهِ وإِنما هو المرزباني انتهى. وفي القاموس والمرزبة كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي

<<  <  ج: ص:  >  >>