للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَعْيار فِي الْبَدَلِ مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ لَقُلْتَ: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت مَعْنَاهُ، فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما أَراد أَن يصوغُ فِعْلًا أَي بناءَ كَيْفِيَّة الْبَدَلِ مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى مَا لَهُ فِعْلَ مِنْ لَفْظِهِ، يُدلّك عَلَى أَن قَوْلَهُ تَعَيّرون لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. والعَيرُ الْعَظْمُ النَّاتِئُ وَسَطَ الْكَفِّ «٢». وَالْجَمْعُ أَعْيارٌ. وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة عَلَى الأَصل: ذَاتُ عَيْر. وعَيْر النَّصْلِ: النَّاتِئُ فِي وَسَطِهِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ، ... كَسَرْن العَيْرَ مِنْهُ والغِرارا

وَقِيلَ: عَيْرُ النَّصل وَسَطُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو: نَصْلٌ مُعْيَر فِيهِ عَيْر. والعَيْر مِنْ أُذن الإِنسان والفرسِ مَا تَحْتَ الفَرْع مِنْ بَاطِنِهِ كعَيْر السَّهْمِ، وَقِيلَ: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَي الْفَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ عَلَى عِيَار الأُذُنين الْمَاءَ

؛ العِيارُ جَمْعُ عَيْرٍ، وَهُوَ النَّاتِئُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَذن. وَكُلُّ عَظْمٍ نَاتِئٍ مِنَ الْبَدَنِ: عَيْرٌ. وعَير الْقَدَمِ: النَّاتِئُ فِي ظَهْرِهَا. وعَيرُ الوَرقة: الْخَطُّ النَّاتِئُ فِي وَسَطِهَا كأَنه جُدَيِّر. وعَيرُ الصَّخْرَةِ: حرفٌ نَاتِئٌ فِيهَا خِلْقَةً، وَقِيلَ: كُلُّ نَاتِئٍ فِي وَسَطِ مُسْتَوٍ عَيرٌ. وعَيْرُ الأُذن: الْوَتَدُ الَّذِي فِي بَاطِنِهَا. والعَيْر: ماقيء الْعَيْنِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: العَيْر إِنسانُ الْعَيْنِ، وَقِيلَ لَحْظُها؛ قَالَ تأَبَّطَ شَرّاً:

ونارٍ قَدْ حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ، ... بدارٍ مَا أُرِيدُ بِهَا مُقاما

سِوَى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ، ... أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما

وَفِي الْمَثَلِ: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرَى أَي قَبْلَ لَحْظَةِ الْعَيْنِ. قَالَ أَبو طَالِبٍ: العَيْر المِثال الَّذِي فِي الْحَدَقَةِ يُسَمَّى اللُّعْبة؛ قَالَ: وَالَّذِي جَرَى الطَّرْفُ، وجَرْيُه حَرَكَتُهُ؛ وَالْمَعْنَى: قَبْلَ أَن يَطْرِف الإِنسانُ، وَقِيلَ: عَيْرُ الْعَيْنِ جَفْنُها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يقال فعلت قَبْلَ عيْرٍ وَمَا جَرَى. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَلَا يُقَالُ أَفعل؛ وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ:

أَعَدْوَ القِبِصَّى قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرى، ... وَلَمْ تَدْرِ مَا خُبْرِي، وَلَمْ أَدْرِ مَا لَها؟

فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ قَبْلَ أَن أَنظر إِليك، وَلَا يُتَكلّم بشيء من ذَلِكَ فِي النَّفْيِ. والقِبِصَّى والقِمِصَّى: ضَرْبٌ مِنَ العَدْو فِيهِ نَزْوٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العَيْرُ هُنَا الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ، وَمَنْ قَالَ: قَبْلَ عائرٍ وَمَا جَرَى، عَنَى السَّهْمَ. والعَير: الوَتد. والعَيْر: الجَبلُ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى جَبَلٍ بِالْمَدِينَةِ. والَعيْر: السَّيِّدُ والمَلِك. وعَيْرُ الْقَوْمِ: سيّدُهم؛ وَقَوْلُهُ:

زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْر ... مَوالٍ لنا، وأَنَّى الوَلاءُ؟ «٣»

. قِيلَ: مَعْنَاهُ كلُّ مَن ضَرَبَ بِجفنٍ عَلَى عَيْرٍ، وَقِيلَ: يَعْنِي الْوَتِدَ، أَي مَنْ ضَرَبَ وتِداً مِنْ أَهل العَمَد، وَقِيلَ: يَعْنِي إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير، وَقِيلَ: يَعْنِي جَبَلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ فَقَالَ: جَبَلًا بِالْحِجَازِ، وأَدخل عَلَيْهِ اللَّامَ كأَنه جَعَلَهُ مِنْ أَجْبُلٍ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَيْر، وَجَعَلَ اللَّامَ زَائِدَةً على قوله:


(٢). قوله: [وسط الكف] كذا في الأَصل، ولعله الكتف. وقوله: مُعَيَّرَةٌ وَمُعْيَرَةٌ عَلَى الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل وانظره مع قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر العين
(٣). في معلقة الحرث بن حلِّزة:
[مُوال لَنَا وأَنّا الوَلاء]
ولا يمكن إِصلاح هَذَا الْبَيْتَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ في المعلقة لأَن له في صفحة ٦٢٤ شرحاً يناسب روايته هنا لاحقاً

<<  <  ج: ص:  >  >>