للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ

: بِمَعْنَى لَا، جَعَلَا مَعًا غَيْرَ بِمَعْنَى لَا، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ

، غيرَ حَالٍّ هَذَا. قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ غيرٌ بِمَعْنَى لَيْسَ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ كلامُ اللَّهُ غيرُ مَخْلُوقٍ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ

؛ وَقُرِئَ: غَيْرِ اللَّهِ، فَمَنْ خَفَضَ ردَّه عَلَى خَالِقٍ، وَمَنْ رَفَعَهُ فَعَلَى الْمَعْنَى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الْفَرَّاءُ: وَجَائِزٌ هَلْ مِنْ خَالِقٍ «٢». غيرَ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ: مَا لَكُمْ مِنْ إِله غيرَه، هَلْ مِنْ خالقٍ إِلا اللَّهُ وَمَا لَكَمَ مِنْ إِله إِلا هُوَ، فَتُنْصَبُ غَيْرٌ إِذا كَانَتْ محلَّ إِلا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ: لَا أَراني اللَّهُ بِكَ غِيَراً؛ الغِيَرُ: مِنْ تغيَّر الْحَالِ، وَهُوَ اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ القِطَع والعنَب وَمَا أَشبههما، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعًا وَاحِدَتُهُ غِيرَةٌ؛ وأَنشد:

ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرْ

وتغيَّر الشيءُ عَنْ حَالِهِ: تَحَوَّلَ. وغَيَّرَه: حَوَّله وَبَدَّلَهُ كأَنه جَعَلَهُ غَيْرَ مَا كَانَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ حَتَّى يبدِّلوا مَا أَمرهم اللَّهُ. والغَيْرُ: الِاسْمُ مِنَ التغيُّر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:

إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الغَيْر

قَالَ: وَلَا يُقَالُ إِلا غَيَّرْت. وَذَهَبَ اللِّحْيَانِيُّ إِلى أَن الغَيْرَ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ إِذ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ ثُلَاثِيٌّ غَيْرُ مَزِيدٍ. وغَيَّرَ عَلَيْهِ الأَمْرَ: حَوَّله. وتَغَايرتِ الأَشياء: اخْتَلَفَتْ. والمُغَيِّر: الَّذِي يُغَيِّر عَلَى بَعيره أَداتَه لِيُخَفِّفَ عَنْهُ ويُريحه؛ وَقَالَ الأَعشى:

واسْتُحِثَّ المُغَيِّرُونَ مِنَ القَوْمِ، ... وَكَانَ النِّطافُ مَا فِي العَزَالي

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ غَيَّر فُلَانٌ عَنْ بَعِيرِهِ إِذا حَطّ عَنْهُ رَحْله وأَصلح مِنْ شأْنه؛ وَقَالَ القُطامي:

إِلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ

وغِيَرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتغيِّرة. وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

مَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرَ

أَي تَغَيُّر الْحَالِ وانتقالَها مِنَ الصَّلَاحِ إِلى الْفَسَادِ. والغِيَرُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ غَيَّرْت الشَّيْءَ فتغيَّر. وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَرِه تَغْيِير الشَّيْب

يَعْنِي نَتْفَه، فإِنّ تَغْيِيرَ لونِه قَدْ أُمِر بِهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ. وغارَهُم اللَّهُ بِخَيْرٍ ومطَرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِياراً ويَغُورهم: أَصابهم بمَطر وخِصْب، وَالِاسْمُ الغِيرة. وأَرض مَغِيرة، بِفَتْحِ الْمِيمِ، ومَغْيُورة أَي مَسْقِيَّة. يُقَالُ: اللَّهُمَّ غِرْنا بِخَيْرٍ وغُرْنا بِخَيْرٍ. وغارَ الغيثُ الأَرض يَغِيرها أَي سَقَاهَا. وغارَهُم اللَّهُ بِمَطَرٍ أَي سَقَاهُمْ، يَغِيرهم ويَغُورهم. وغارَنا اللَّهُ بِخَيْرٍ: كَقَوْلِكَ أَعطانا خَيْرًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وَمَا حُمِّلَ البُخْتِيُّ عَامَ غِيَارهِ، ... عَلَيْهِ الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها

وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَغِيره غَيْراً: نَفَعَهُ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ «٣». بْنُ رَبْعَيٍّ الهُذَلي:

مَاذَا يَغير ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما ... لَا تَرْقُدانِ، وَلَا بُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا

يَقُولُ: لَا يُغني بُكاؤهما عَلَى أَبيهما مِنْ طَلَبِ ثأْرِه شَيْئًا. والغِيرة، بِالْكَسْرِ، والغِيارُ: المِيرة. وَقَدْ غارَهم يَغِيرهم وغارَ لَهُمْ غِياراً أَي مارَهُم ونفعهم؛


(٢). قوله [هل من خالق إلخ] هكذا في الأَصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ
(٣). قوله [عبد مناف] هكذا في الأَصل، والذي في الصحاح: عبد الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>