للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بأَعلى ذِي القُورْ؟ ... قَدْ دَرَسَتْ، غَيْرَ رَمادٍ مَكْفُورْ

مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ، مَرُوحٍ مَمْطُورْ، ... أَزْمانَ عَيْناءُ سُرُورُ المَسْرُورْ

قَوْلُهُ: بأَعلى ذِي الْقُورِ أَي بأَعلى الْمَكَانِ الَّذِي بِالْقُورِ، وَقَوْلُهُ: قَدْ دَرَسَتْ غَيْرَ رَمَادٍ مَكْفُورِ أَي دَرَسَتْ مَعالِمُ الدَّارِ إِلا رَمَادًا مَكْفُورًا، وَهُوَ الَّذِي سَفَتْ عَلَيْهِ الريحُ الترابَ فَغَطَّاهُ وكَفَره، وَقَوْلُهُ: مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ يُرِيدُ أَنه يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ كَمَا يكونُ وَجْهُ الْكَئِيبِ، ومَروحٌ: أَصابته الرِّيحُ، وَمَمْطُورٌ: أَصابه الْمَطَرُ، وَعَيْنَاءُ مبتدأٌ وسُرور المَسْرورِ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بإِضافة أَزمان إِليها، وَالْمَعْنَى: هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ فِي الزَّمَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عَيْنَاءَ سُرور مَنْ رَآهَا وأَحبها؟ والقارَةُ: الحَرَّةُ، وَهِيَ أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ، وَالْجَمْعُ قاراتٌ وقارٌ وقُورٌ وقِيرانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَهُ مِثْلُ قُورِ حِسْمَى

؛ وَفِي قَصِيد كَعْبٍ:

وَقَدْ تَلَفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ

وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: عَلَى رأْسِ قُورٍ وَعْثٍ.

قَالَ اللَّيْثُ: القُورُ جَمْعُ الْقَارَةِ والقِيرانُ جمعُ القارَة، وَهِيَ الأَصاغر مِنَ الْجِبَالِ والأَعاظم مِنَ الْآكَامِ، وَهِيَ مُتَفَرِّقَةٌ خَشِنَةٌ كَثِيرَةُ الْحِجَارَةِ. وَدَارٌ قَوْراءُ: وَاسِعَةُ الْجَوْفِ. وَالْقَارُ: الْقَطِيعُ الضَّخْمُ مِنَ الإِبل. والقارُ أَيضاً: اسْمٌ للإِبل، قَالَ الأَغْلَبُ العِجْلي:

مَا إِن رأَينا مَلِكاً أَغارا ... أَكثَرَ مِنْهُ قِرَةً وَقَارَا،

وفارِساً يَسْتَلِبُ الهِجارا

القِرَة والقارُ: الْغَنَمُ. والهِجار: طَوْقُ المَلِكِ، بِلُغَةِ حِمْيَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا كُلُّهُ بِالْوَاوِ لأَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ. وقارَ الشيءَ قَوْراً وقَوَّرَه: قَطَعَ مِنْ وَسَطه خَرْقًا مُسْتَدِيرًا. وقَوَّرَ الجَيْبَ: فَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوَّرَه واقْتَوَره واقْتاره كُلَّهُ بِمَعْنَى قَطَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

فتَقَوَّرَ السحابُ

أَي تَقَطَّع وتَفَرَّقَ فِرَقاً مُسْتَدِيرَةً؛ وَمِنْهُ قُوارَةُ الْقَمِيصِ والجَيْبِ والبِطِّيخ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: فِي فِنائِه أَعْنُزٌ دَرُّهُن غُبْرٌ يُحْلَبْنَ فِي مِثْلِ قُوارَةِ حافِر الْبَعِيرِ

أَي مَا اسْتَدَارَ مِنْ بَاطِنِ حَافِرِهِ يَعْنِي صِغَرَ المِحْلَب وضِيقَه، وَصَفَهُ باللُّؤم وَالْفَقْرِ وَاسْتَعَارَ لِلْبَعِيرِ حَافِرًا مَجَازًا، وإِنما يُقَالُ لَهُ خُفٌّ. والقُوارَة: مَا قُوِّرَ مِنَ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ قُوارةَ الأَديم. وَفِي أَمثال الْعَرَبِ: قَوِّرِي والْطُفي؛ إِنما يَقُولُهُ الَّذِي يُرْكَبُ بالظُّلْم فيسأَل صَاحِبَهُ فَيَقُولُ: ارْفُقْ أَبْقِ أَحْسِنْ؛ التَّهْذِيبُ: قَالَ هَذَا الْمَثَلَ رَجُلٌ كَانَ لامرأَته خِدْنٌ فَطَلَبَ إِليها أَن تَتَّخِذَ لَهُ شِراكَيْن مِنْ شَرَجِ اسْتِ زَوْجِهَا، قَالَ: ففَظِعَتْ بِذَلِكَ فأَبى أَن يَرْضَى دُونَ فِعْلِ مَا سأَلها، فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا وَجْهًا تَرْجُو بِهِ السَّبِيلَ إِليه إِلا بِفَسَادِ ابْنٍ لَهَا، فَعَمَدَتْ فعَصَبَتْ عَلَى مبَالِه عَقَبَةً فأَخْفَتْها فعَسُرَ عَلَيْهِ البولُ فَاسْتَغَاثَ بِالْبُكَاءِ، فسأَلها أَبوه عَمَّ أَبكاه، فَقَالَتْ: أَخذه الأُسْرُ وَقَدْ نُعِتَ لَهُ دَوَاؤُهُ، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَتْ: طَرِيدَةٌ تُقَدُّ لَهُ مِنْ شَرَجِ اسْتِك، فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَالصَّبِيُّ يَتَضَوَّرُ، فَلَمَّا رأَى ذَلِكَ بَخِعَ لَهَا بِهِ وَقَالَ لَهَا: قَوِّرِي والْطُفي، فقطعتْ مِنْهُ طَرِيدةً تَرْضِيَةً لِخَلِيلِهَا، وَلَمْ تَنْظُرْ سَدادَ بَعْلِها وأَطلقت عَنِ الصَّبِيِّ وسَلَّمَتِ الطَّريدةَ إِلى خَلِيلِهَا؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الأَمر بالاسْتِبْقاءِ مِنَ الغَرِير أَو عِنْدَ المَرْزِئة فِي سُوء التَّدْبِيرِ وطَلَبِ مَا لَا يُوصَلُ إِليه. وقارَ المرأَة: خَتَنها، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>