للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر إِليه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ فُلَانٌ نَظُورةُ قَوْمِهِ ونَظِيرَةُ قومهِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إِليه قَوْمُهُ فَيَمْتَثِلُونَ مَا امْتَثَلَهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ طَرِيقَتُهم بِهَذَا الْمَعْنَى. وَيُقَالُ: هُوَ نَظِيرَةُ الْقَوْمِ وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الَّذِي لَا يُغْفِلُ النَّظَرَ إِلى مَا أَهمه. والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ مِنْهَا. وتَناظَرَتِ الدَّارانِ: تَقَابَلَتَا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قَابَلَكَ. وإِذا أَخذت فِي طَرِيقِ كَذَا فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عَنْ يَمِينِهِ أَو يَسَارِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ

؛ ذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ إِلى أَنه أَراد الأَصنام أَي تُقَابِلُكَ، وَلَيْسَ هُنَالِكَ نَظَرٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ النَّظَرُ لَا يَكُونُ إِلا بمقابلةٍ حَسُنَ وَقَالَ: وَتَرَاهُمْ، وإِن كَانَتْ لَا تَعْقِلُ لأَنهم يَضَعُونَهَا مَوْضِعَ مَنْ يَعْقِلُ. والنَّاظِرُ: الْحَافِظُ. وناظُورُ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَغَيْرِهِمَا: حَافِظُه؛ وَالطَّاءُ نَبَطِيَّة. وَقَالُوا: انْظُرْني أَيِ اصْغ إِليَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا

. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ

؛ أَي لَا يَرْحَمُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن اللَّهَ لَا يَنْظُر إِلى صُوَرِكم وأَموالكم وَلَكِنْ إِلى قُلُوبِكُمْ وأَعمالكم

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَى النَّظَرِ هَاهُنَا الإِحسان وَالرَّحْمَةُ والعَطْفُ لأَن النَّظَرَ فِي الشَّاهِدِ دَلِيلُ الْمَحَبَّةِ، وَتَرْكَ النَّظَرِ دَلِيلُ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصُّوَرِ الْمُعْجِبَةِ والأَموال الْفَائِقَةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَقَدَّسُ عَنْ شِبْهِ الْمَخْلُوقِينَ، فَجَعَلَ نَظَرَهُ إِلى مَا هُوَ للسِّرِّ واللُّبِّ، وَهُوَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ؛ وَالنَّظَرُ يَقَعُ عَلَى الأَجسام وَالْمَعَانِي، فَمَا كَانَ بالأَبصار فَهُوَ للأَجسام، وَمَا كَانَ بِالْبَصَائِرِ كَانَ لِلْمَعَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ

أَي خَيْرِ الأَمرين لَهُ: إِما إِمساك الْمَبِيعِ أَو ردُّه، أَيُّهما كَانَ خَيْرًا لَهُ وَاخْتَارَهُ فَعَلَه؛ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الْقِصَاصِ:

مَنْ قُتل لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ

؛ يَعْنِي الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ؛ أَيُّهُما اخْتَارَ كَانَ لَهُ؛ وَكُلُّ هَذِهِ معانٍ لَا صُوَرٌ. ونَظَرَ الرجلَ يَنْظُرُهُ وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عَلَيْهِ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:

إِذا بَعُدُوا لَا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ، ... تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُتَنَظَّرِ

وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

وَلَا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ، ... وَلَا عِدَةً فِي النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: النَّاظِرُ هُنَا عَلَى النَّسَبِ أَو عَلَى وَضْعِ فَاعِلٍ مَوْضِعَ مَفْعُولٍ؛ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، ومَثَّلَه بِسِرٍّ كَاتِمٍ أَي مَكْتُومٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الحَامِضِ «١»، بِفَتْحِ الْيَاءِ، كأَنه لَمَّا جَعَلَ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ اسْتَجَازَ أَيضاً أَن يَجْعَلَ مُتَفَعَّلًا فِي مَوْضِعِ مُتَفَعِّلٍ وَالصَّحِيحُ المتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ. والتَّنَظُّرُ: تَوَقُّع الشَّيْءِ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ مَا تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بِكَسْرِ الظَّاءِ: التأْخير فِي الأَمر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ

، وقرأَ بَعْضُهُمْ: فناظِرَةٌ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. وَيُقَالُ: بِعْتُ فُلَانًا فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ.


(١). قوله [الحامض] هو لقب أبي موسى سليمان بن محمد بن أحمد النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه أربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق الإنسان والوحوش والنبات، روى عَنْهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ وأبو جعفر الأصبهاني. مات سنة ٣٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>