للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الراكبُ، فَهُوَ مُهَجِّرٌ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو: وَهَلْ مُهَجِّر

كَمَنْ قالَ أَي هَلْ مَنْ سَارَ فِي الْهَاجِرَةِ كَمَنْ أَقام فِي الْقَائِلَةِ. وهَجَّرَ القومُ وأَهْجَرُوا وتَهَجَّرُوا: سَارُوا فِي الْهَاجِرَةِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

بأَطْلاحِ مَيْسٍ قَدْ أَضَرَّ بِطِرْقِها ... تَهَجُّرُ رَكْبٍ، واعْتِسافُ خُرُوقِ

وَتَقُولُ مِنْهُ: هَجَّرَ النهارُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَدَعْ ذَا، وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ، إِذا صامَ النهارُ وهَجَّرا

وَتَقُولُ: أَتَيْنا أَهْلَنا مُهْجِرين كَمَا يقالُ مُوصِلين. أَي فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ والأَصِيل. الأَزهري عَنْ

أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ الناسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِليه.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ:

المُهَجِّرُ إِلى الْجُمُعَةِ كالمُهْدي بَدَنَةً.

قَالَ الأَزهري: يَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلى أَن التَّهْجِيرَ فِي هَذِهِ الأَحاديث مِنَ المُهاجَرَة وَقْتَ الزَّوَالِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا رَوَى أَبو دَاوُدَ المَصاحِفي عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنه قَالَ: التَّهجير إِلى الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا التَّبْكِيرُ وَالْمُبَادَرَةُ إِلى كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْخَلِيلَ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ. يُقَالُ: هَجَّرَ يُهَجِّرُ تَهْجِيراً، فَهُوَ مُهَجِّر، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ مِنْ قَيْسٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

رَاحَ القَطِينُ بهَجْرٍ بَعْدَ ما ابْتَكَرُوا

فَقَرَنَ الهَجْرَ بِالْابْتِكَارِ. والرواحُ عِنْدَهُمُ: الذهابُ والمُضيُّ. يُقَالُ: رَاحَ الْقَوْمُ أَي خَفُّوا ومَرُّوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ.

وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِير لاسْتَبَقُوا إِليه

، أَراد التَّبْكِيرَ إِلى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ الْمُضِيُّ إِليها فِي أَوَّل أَوقاتها. قَالَ الأَزهري: وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: هَجَّر الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ بِالْهَاجِرَةِ، وَهِيَ نِصْفُ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: أَتيته بالهَجِير وبالهَجْرِ؛ وأَنشد الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي نَوَادِرِهِ قَالَ: قَالَ جِعْثِنَةُ بْنُ جَوَّاسٍ الرَّبَعِيّ فِي نَاقَتِهِ:

هلْ تَذْكُرين قَسَمِي ونَذْري، ... أَزْمانَ أَنت بِعَرُوضِ الجَفْرِ،

إِذ أَنتِ مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ، ... عَلَيَّ، إِن لَمْ تَنْهَضي بِوِقْري،

بأَربعين قُدِّرَتْ بِقَدْرِ، ... بِالْخَالِدِيِّ لَا بصاعِ حَجْرِ،

وتُصْبِحي أَيانِقاً فِي سَفْرِ، ... يُهَجِّرُونَ بَهَجِيرِ الفَجْرِ،

ثُمَّتَ تَمْشي لَيْلَهُمْ فَتَسْري، ... يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاج الغُبْرِ،

طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرُودَ التَّجْرِ

قَالَ: المِضْرارُ الَّتِي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِقَّها مِنَ النَّشَاطِ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ يُهَجِّرُون بِهَجِيرِ الْفَجْرِ أَي يُبَكِّرُونَ بِوَقْتِ الْفَجْرِ. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ عَنِ النَّضْرِ أَنه قَالَ: الهاجِرَة إِنما تَكُونُ فِي الْقَيْظِ، وَهِيَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِقَلِيلٍ وَبَعْدَهَا بِقَلِيلٍ؛ قَالَ: الظَّهِيرَةُ نِصْفُ النَّهَارِ فِي الْقَيْظِ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ بِحِيال رأْسك كأَنها لَا تُرِيدُ أَن تَبْرَحَ. وَقَالَ اللِّيْثُ: أَهْجَرَ القومُ إِذا صَارُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وهَجَّرَ القومُ إِذا سَارُوا فِي وقته. قال أَبو سيعد: الْهَاجِرَةُ مِنْ حِينَ نُزُولِ الشَّمْسِ، والهُوَيْجِرَةُ بَعْدَهَا بِقَلِيلٍ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: الطَّعَامُ الَّذِي يؤْكل نِصْفَ النَّهَارِ الهَجُورِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>