عَلَى هَذَا كَيَكْنُونَ مِنْ قَوْلِكَ: هُنَّ يَكْنُونَ، ويَبْرِينَ كَيَكْنِينَ مِنْ قَوْلِكَ: هُنَّ يَكْنِينَ، وإِنما مَنَعَكَ أَن تَحْمِلَ يَبْرِينَ ويَبْرُونَ عَلَى بَرَيْتُ وبَرَوْتُ أَن الْعَرَبَ قَالَتْ: هَذِهِ يَبْرِينُ، فَلَوْ كَانَتْ يَبْرُونَ مِنْ بَرَوْتُ لَقَالُوا هَذِهِ يَبْرُونَ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحد مِنَ الْعَرَبِ، أَلا تَرَى أَنك لَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِيَغْزُونَ، فِيمَنْ جَعَلَ النُّونَ عَلَامَةَ الْجَمْعِ، لَقُلْتَ هَذَا يَغْزُونَ؟ قَالَ: فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَن الْيَاءَ وَالْوَاوَ فِي يَبْرِينَ ويَبْرُونَ لَيْسَتَا لَامَيْنِ، وإِنما هُمَا كَهَيْئَةِ الْجَمْعِ كفَلَسْطِينَ وفَلَسْطُونَ، وإِذا كَانَتْ وَاوَ جَمْعٍ كَانَتْ زَائِدَةً وَبَعْدَهَا النُّونُ زَائِدَةٌ أَيضاً، فَحُرُوفُ الِاسْمِ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ كأَنه يَبْرِ، ويَبْرُ، وإِذا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَالْيَاءُ فِيهَا أَصل لَا زَائِدَةٌ لأَن الْيَاءَ إِذا طَرَحْتَهَا مِنَ الِاسْمِ فَبَقِيَ مِنْهُ أَقل مِنَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ أَلْبَتَّةَ، عَلَى مَا أَحكمه لَكَ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ عِلَلِ مَا تَجْعَلَهُ زَائِدًا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ، يَدُلُّكَ عَلَى أَن ياءَ يَبْرِين لَيْسَتْ لِلْمُضَارَعَةِ أَنهم قَالُوا أَبْرين فَلَوْ كَانَ حَرْفَ مُضَارَعَةٍ لَمْ يُبَدِّلُوا مَكَانَهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ أَلْبَتَّةَ، فأَما قَوْلُهُمْ أَعْصُرُ ويَعْصُرُ اسْمُ رَجُلٍ فَلَيْسَ مُسَمَّى بِالْفِعْلِ، وإِنما سُمِّيَ بأَعْصُرٍ جَمْعِ عَصْرٍ الَّذِي هُوَ الدَّهْرُ؛ وإِنما سُمِّيَ بِهِ لِقَوْلِهِ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
أَخُلَيْدُ، إِنَّ أَباكَ غَيَّرَ رأْسَه ... مَرُّ الليالِي، واخْتلافُ الأَعْصُرِ
وَسَهَلَ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ لأَن هَمْزَتَهُ لَيْسَتْ لِلْمُضَارَعَةِ وإِنما هِيَ لِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
يجر: المِيجار: الصَّوْلَجانُ.
يَرَرَ: اليَرَرُ: مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَجَرٌ أَيَرُّ أَي صَلْد صُلب. اللَّيْثُ: اليَرَرُ مَصْدَرُ الأَيَرِّ، يُقَالُ: صَخْرَةٌ يَرَّاءُ وحَجَرٌ أَيَرُّ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِنه ليُبْصِرُ أَثَرَ الذَّرّ فِي الْحَجَرِ الأَيَرِّ
؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ جَيْشًا:
فإِن أَصابَ كَدَراً مَدَّ الكَدَرْ ... سَنابِكُ الخيلِ يُصَدِّعنَ الأَيَرْ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَيَرُّ الصَّفا الشَّدِيدُ الصَّلَابَةِ؛ وَقَالَ بَعْدَهُ:
مِنَ الصَّفَا الْقَاسِي ويَدْهَسْنَ الغَدَرْ ... عَزازَةً، ويَهْتَمِرْنَ مَا انْهَمَرْ
يدهسن الغَدَرَ أَي يَدَعْنَ الجِرْفَةَ وَمَا تَعادَى مِنَ الأَرضِ دَهاساً؛ وَقَالَ بَعْدَهُ:
مِنْ سَهْلَةٍ ويَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
يَعْنِي الْخَيْلَ وَضَرْبِهَا الأَرضَ العَزازَ بِحَوَافِرِهَا، وَالْجَمْعِ يُرٌّ. وحَجَرٌ يَارٌّ وأَيَرُّ عَلَى مِثَالِ الأَصَمِّ: شديدٌ صُلْبٌ، يَرَّ يَيَرُّ يَرّاً، وَصَخْرَةٌ يَرَّاءُ. وَقَالَ الأَحمر: اليَهْيَرُّ الصُّلْبُ. وحارٌّ يارٌّ: إِتباع؛ وَقَدْ يَرَّ يَرّاً ويَرَراً. واليَرَّةُ: النَّارُ. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: إِنه لحارٌّ يارٌّ، عَنَى رَغيفاً أُخرج مِنَ التَّنُّورِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَمِيَتِ الشَّمْسُ عَلَى حَجَر أَو شَيْءٍ غَيْرِهِ صُلْبٍ فَلَزِمَتْهُ حَرَارَةٌ شَدِيدَةٌ يُقَالُ: إِنه لحارٌّ يارٌّ، وَلَا يُقَالُ لماءٍ وَلَا طِينٍ إِلا لشيءٍ صُلْبٍ. قَالَ: وَالْفِعْلُ يَرَّ يَيَرُّ يَرَراً، وَتَقُولُ: الحَرُّ لَمْ يَيَر، وَلَا يُوصَفُ بِهِ عَلَى نَعْتِ أَفعل وَفَعْلَاءِ إِلا الصَّخر وَالصَّفَا. يُقَالُ: صَفَاةٌ يَرَّاءُ وصَفاً أَيَرُّ، وَلَا يُقَالُ إِلا مَلَّةٌ حارَّة يارَّة، وَكُلُّ شيءٍ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إِذا ذَكَرُوا اليارَّ لَمْ يَذْكُرُوهُ إِلا وَقَبْلَهُ حارٌّ. وَذَكَرَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ الشُّبْرُمَ فَقَالَ: إِنه حارٌّ يارٌّ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ