للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَهْوَسَ أَلْيَس، فَلَمَّا ازْدَوَجَ الْكَلَامُ قَلَبوا الْوَاوَ يَاءً فَقَالُوا: أَهْيَس. والأَهْوَس: الَّذِي يَدُقُّ كُلَّ شَيْءٍ ويأْكله، والأَلْيَسُ: الَّذِي يُبازجُ قِرْنَهُ وَرُبَّمَا ذَمُّوه بِقَوْلِهِمْ أَهْيَس أَلْيَس، فإِذا أَرادوا الذَّمَّ عُني بالأَهْيَس الأَهْوَس، وَهُوَ الْكَثِيرُ الأَكل، وبالأَلْيَس الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه، وَهَذَا ذمٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

أَبي الأَسْوَد الدُّؤَلي: فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَس

؛ الأَلْيَسُ: الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ. والأَلْيَسُ: الْبَعِيرُ يَحْمِلُ كلَّ مَا حُمِّلَ. بعضُ الأَعراب: الأَلْيَسُ: الدَّيُّوث الَّذِي لَا يَغار ويُتَهَزَّأُ بِهِ، فَيُقَالُ: هُوَ أَلْيَسُ بُورك فِيهِ فاللَّيَسُ يَدْخُلُ فِي المَعْنَيَينِ فِي المدْح وَالذَّمِّ، وكلٌّ لَا يَخْفَى عَلَى المُتَفَوِّه بِهِ. وَيُقَالُ: تَلايَسَ الرجلُ إِذا كَانَ حَمُولًا حَسَنَ الخلُق. وتَلايَسْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا أَي غَمَّضْتُ عَنْهُ. وَفُلَانٌ أَلْيَس: دَهْثَم حسَن الخلُق. اللَّيْثُ: اللَّيَس مَصْدَرُ الأَلْيَس، وَهُوَ الشُّجَاعُ الَّذِي لَا يُبالي الحرْبَ وَلَا يَرُوعُه؛ وأَنشد:

أَلْيَسُ عَنْ حَوْبائِه سخِيّ

يَقُولُهُ الْعَجَّاجُ وَجَمْعُهُ لِيَسٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَخال نَدِيَّهُمْ مَرْضى حَياءً، ... وتَلْقاهمْ غَداةَ الرَّوْعِ لِيسا

وَفِي الْحَدِيثِ:

كلُّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَ والظُّفْرَ

؛ مَعْنَاهُ إِلا السِّنَّ والظُّفْر. وَلَيْسَ: مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ كإِلَّا، وَالْعَرَبُ تَسْتَثْنِي بِلِيسَ فَتَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ لَيْسَ أَخاك وَلَيْسَ أَخَوَيْك، وَقَامَ النِّسْوَة لَيْسَ هِنْدًا، وَقَامَ الْقَوْمُ لَيْسي ولَيْسَني وليس إِيَّاي؛ وأَنشد:

قَدْ ذَهَبَ القوْمُ الكِرام لَيْسِي

وَقَالَ آخَرُ:

وأَصْبح مَا فِي الأَرض مِني تَقِيَّةً ... لِناظِرِه، لَيْسَ العِظامَ العَوالِيا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولَيْس مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ تَقُولُ: أَتى الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا أَي لَيْسَ الْآتِي، لَا يَكُونُ إِلا مُضْمَرًا فِيهَا. قَالَ اللَّيْثُ: لَيْس كَلِمَةُ جُحُود. قَالَ الْخَلِيلُ: وأَصله لَا أَيْسَ فطُرِحَتِ الْهَمْزَةُ وأُلْزِقَت اللَّامُ بِالْيَاءِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لَيس يَكُونُ جَحْداً وَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً ينصَب بِهِ كَقَوْلِكَ ذَهَبَ الْقَوْمُ لَيْس زَيْدًا يَعْنِي مَا عَدا زَيْدًا، وَلَا يَكُونُ أَبداً «٢» وَيَكُونُ بِمَعْنَى إِلا زَيْدًا؛ وَرُبَّمَا جَاءَتْ لَيْسَ بِمَعْنَى لَا الَّتِي يُنسَقُ بِهَا كَقَوْلِ لَبِيدٍ:

إِنما يَجْزي الفَتى لَيْس الجَمَلْ

إِذا أُعرِب لَيْس الجَمَلُ لأَن ليْس هَاهُنَا بِمَعْنَى لَا النَّسَقِيَّة. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَراد لَيْسَ يَجْزي الجَمَل وَلَيْسَ الجَمَل يَجْزي، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَتْ لَيْسَ بِمَعْنَى لَا التَّبْرِئَة. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: ليْس مِنْ حُرُوفِ جَحْدٍ وَتَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ كَانَ تَرْفَعُ الِاسْمَ وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ، تَقُولُ لَيْسَ زَيْدٌ قَائِمًا وَلَيْسَ قَائِمًا زَيْدٌ، وَلَا يَجُوزُ أَن يقدَّم خَبَرُهَا عَلَيْهَا لأَنها لَا تُصرف، وَتَكُونُ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً فَتَنْصِبُ الِاسْمَ بَعْدَهَا كَمَا تَنْصِبُهُ بَعْدَ إِلا، تَقُولُ جَاءَنِي الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا وَفِيهَا مُضْمَر لَا يَظْهَرُ، وَتَكُونُ نَسَقًا بِمَنْزِلَةِ لَا، تَقُولُ جَاءَنِي عَمْرٌو لَيْس زَيْدٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ:

إِنما يَجْزي الْفَتَى لَيْسَ الجَمَل

قَالَ الأَزهري: وَقَدْ صَرَّفوا لَيْس تَصْرِيفَ الْفِعْلِ الْمَاضِي فَثَنَّوْا وَجَمَعُوا وأَنَّثُوا فَقَالُوا لَيْس ولَيْسا ولَيْسُوا ولَيْسَتِ المرأَة ولَيْسَتا ولَسْنَ وَلَمْ يُصرِّفُوها فِي المستقبَل. وَقَالُوا: لَسْت أَفعل


(٢). قوله: ولا يكون أَبداً هكذا في الأَصل، ولم يذكر خبراً لكان يدرك معه المعنى المُراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>