للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونزَلنا بِحيبةٍ مِنَ الأَرض وحُوبةٍ أَي بأَرض سوءٍ. أَبو زَيْدٍ: الحُوبُ: النَّفْسُ، والحَوْباءُ: النَّفْسُ، ممدودةٌ ساكنةُ الْوَاوِ، وَالْجَمْعُ حَوْباواتٌ؛ قَالَ رؤْبة:

وقاتِلٍ حَوْباءَهُ مِنْ أَجْلي، ... لَيْسَ لَهُ مِثْلي، وأَينَ مِثْلي؟

وَقِيلَ: الحَوْباءُ رُوعُ القَلْبِ؛ قَالَ:

ونَفْسٍ تَجُودُ بحَوْبائها

وَفِي حَدِيثِ

ابنِ الْعَاصِ: فَعَرَفَ أَنه يريدُ حَوْباءَ نَفْسه.

والحَوْبُ والحُوبُ والحابُ: الإِثْمُ، فالحَوْبُ، بِالْفَتْحِ، لأَهْلِ الْحِجَازِ، والحُوبُ، بِالضَّمِّ، لتَميمٍ، والحَوْبةُ: المَرَّة الْوَاحِدَةُ مِنْهُ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ:

فَلا يَدْخُلَنَّ، الدَّهْرَ، قَبرَكَ، حَوْبَةٌ ... يَقُومُ، بِهَا، يَوماً، عَليْكَ حَسيبُ

وَقَدْ حَابَ حَوباً وحِيبَةً. قَالَ الزَّجَّاجُ: الحُوبُ الإِثْمُ، والحَوْبُ فِعْلُ الرَّجُلِ؛ تقولُ: حابَ حَوْباً، كَقَوْلِكَ: قَدْ خانَ خَوناً. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: الرِّبا سَبْعُونَ حَوباً، أَيْسَرُها مِثْلُ وُقُوعِ الرجُلِ عَلَى أُمِّهِ، وأَرْبَى الرِّبا عِرْض المُسْلِمِ.

قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ سَبْعون حَوْباً، كأَنَّه سَبْعُونَ ضَرْبًا مِنَ الإِثْمِ. الفرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّهُ كانَ حُوباً

: الحُوبُ الإِثم الْعَظِيمُ. وقرأَ الْحَسَنُ: إنَّه كَانَ حَوْباً؛ وَرَوَى سَعْدٌ عَنْ قَتادة أَنه قَالَ: إِنَّهُ كانَ حُوباً

أَي ظُلْماً. وَفُلَانٌ يَتَحوَّب مِنْ كذَا أَي يتَأَثَّم. وتَحَوَّب الرجُل: تَأَثَّمَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: تَحَوَّبَ تَرَكَ الحُوبَ، مِنْ بَابِ السَّلْبِ، ونَظِيرُه تأَثَّمَ أَي تَرَكَ الإِثْمَ، وَإِنْ كانَ تَفَعَّل لِلإِثباتِ أَكْثرَ مِنْهُ، لِلسَّلْبِ، وَكَذَلِكَ نَحْوُ تَقَدَّم وتأَخَّر، وتعَجَّل وتأَجَّل. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ إِذَا دَخَلَ إِلَى أَهْلِه قَالَ: تَوْباً تَوْباً، لَا يُغادِرُ عَلَيْنا حَوْباً.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إنَّ الجَفاءَ والحَوْبَ فِي أَهْلِ الوبرِ والصُّوفِ.

وتَحَوَّب مِنَ الإِثمِ إِذَا تَوَقَّاه، وأَلقى الحَوْبَ عَنْ نفسِه. وَيُقَالُ: حُبْتَ بِكَذَا أَي أَثِمْتَ، تَحوبُ حَوْباً وحَوْبَة وحِيابَةً؛ قَالَ النَّابِغَةُ «١»:

صَبْراً، بَغِيض بنَ رَيْثٍ؛ إنَّها رَحِمٌ ... حُبْتُمْ بِهَا، فأَناخَتْكُمْ بجَعْجَاعِ

وفلانٌ أَعَقُّ وأَحْوَبُ. قَالَ الأَزهري: وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ: الحائِبُ للقاتِل، وَقَدْ حَاب يحُوبُ. والمُحَوِّب والمُتَحَوِّبُ الَّذِي يَذْهَب مالُه ثُمَّ يَعودُ. اللَّيْثُ: الحَوْبُ الضَّخمُ مِنَ الجِمالِ؛ وأَنشد:

وَلَا شَرِبَتْ فِي جِلْدِ حَوْب مُعَلَّبِ

قَالَ: وسُمِّيَ الجَمَلُ حَوْباً بزَجْره، كَمَا سُمِّيَ البَغْلُ عَدَساً بزَجْرِه، وسُمِّيَ الغُراب غَاقًا بصَوْتِهِ. غَيْرُهُ: الحَوْبُ الجَمَلُ، ثُمَّ كَثُر حَتَّى صارَ زجْراً لَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحَوْبُ زَجْرُ البَعير ليَمْضِيَ، وللنَّاقةِ: حَلْ، جَزْمٌ، وحَلٍ وحَلي. يقال للبَعير إِذَا زُجِرَ: حَوْبَ، وحوبِ، وحَوْبُ، وحابِ.


(١). قوله [قال النابغة إلخ] سيأتي في مادة جعع عزو هذا البيت لنهيكة الفزاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>