عَلَى قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها
أَي صَارَتْ أَو كَانَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ «١»:
أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب، ... رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ
فَشَاذٌّ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ بَابٌ لأَن مِثْلَ هَذَا لَا يُحَرَّكُ ثَانِيهِ. وباضَ الطائرُ وَالنَّعَامَةُ بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. وَدَجَاجَةٌ بَيّاضةٌ وبَيُوضٌ: كَثِيرَةُ البَيْضِ، وَالْجَمْعُ بُيُضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسُل مِثْلَ حُيُد جَمْعُ حَيُود، وَهِيَ الَّتِي تَحِيد عَنْكَ، وبِيضٌ فِيمَنْ قَالَ رُسْل، كسَرُوا الْبَاءَ لِتَسْلم الْيَاءُ وَلَا تَنْقَلِبَ، وَقَدْ قَالَ بُوضٌ أَبو مَنْصُورٍ. يُقَالُ: دَجَاجَةٌ بَائِضٌ بِغَيْرِ هَاءٍ لأَن الدِّيكَ لَا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فَهِيَ بائضٌ. وَرَجُلٌ بَيّاضٌ: يَبِيع البَيْضَ، وَدِيكٌ بائِضٌ كَمَا يُقَالُ والدٌ، وَكَذَلِكَ الغُراب؛ قَالَ:
بِحَيْثُ يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى النَّسَبِ. والبَيْضة: مِنَ السِّلَاحِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها عَلَى شَكْلِ بَيْضة النَّعَامِ. وابْتاضَ الرَّجُلُ: لَبِسَ البَيْضةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه
، يَعْنِي الخُوذةَ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْوَجْهُ فِي الْحَدِيثِ أَن اللَّهَ لَمَّا أَنزل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ اللَّهُ السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه
عَلَى ظَاهِرِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ، يَعْنِي بَيْضةَ الدَّجَاجَةِ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ أَعلمه اللَّهُ بَعْدُ أَن الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إِلا فِي رُبْع دِينار فَمَا فَوْقَهُ، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هَذَا لَيْسَ مَوْضِعَ تَكثيرٍ لِمَا يأْخذه السَّارِقُ، إِنما هُوَ مَوْضِعُ تَقْلِيلٍ فإِنه لَا يُقَالُ: قبَّح اللَّهُ فُلَانًا عرَّض نَفْسَهُ لِلضَّرْبِ فِي عِقْد جَوْهر، إِنما يُقَالُ: لَعَنه اللَّهُ تعرَّض لِقَطْعِ يَدِهِ فِي خَلَقٍ رَثٍّ أَو فِي كُبّةِ شعَرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ
، فالأَحمرُ مُلْكُ الشَّامِ، والأَبْيَضُ مُلْكُ فَارِسَ، وإِنما يُقَالُ لِفَارِسَ الأَبْيَض لِبَيَاضِ أَلوانهم ولأَن الْغَالِبَ عَلَى أَموالهم الْفِضَّةُ، كَمَا أَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان أَهل الشَّامِ الْحُمْرَةُ وَعَلَى أَموالهم الذَّهَبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ظَبْيَانَ وَذِكْرُ حِمْير قَالَ: وَكَانَتْ لَهُمُ البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصَّفْرَاءُ
، أَراد بِالْبَيْضَاءِ الخرابَ مِنَ الأَرض لأَنه يَكُونُ أَبْيَضَ لَا غَرْسَ فِيهِ وَلَا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ مِنْهَا لاخْضِرارِها بِالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عَلَيْهِ، وَبِالْجِزْيَةِ الصَّفْرَاءِ الذهبَ كَانُوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تقومُ الساعةُ حَتَّى يَظْهَرَ الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ
؛ الأَبْيَضُ مَا يأْتي فَجْأَةً وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَرَضٌ يُغيِّر لَوْنَهُ، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدَّمِ. والبَيْضةُ: عِنَبٌ بِالطَّائِفِ أَبيض عَظِيمُ الْحَبِّ. وبَيْضةُ الخِدْر: الجاريةُ لأَنها فِي خِدْرها مَكْنُونَةٌ. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ العُقْر مَثَلٌ يُضْرَبُ وَذَلِكَ أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وَتُسَمَّى تِلْكَ البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ بَيْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الدِّيكُ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يَعُودُ، يضْرب مَثَلًا لِمَنْ يَصْنَعُ الصَّنِيعة ثُمَّ لَا يعود لها. وبَيْضة
(١). قوله [فأما قول الشاعر] عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات، قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ قَالَ: أخو بيضات إلخ.