البلَدِ: تَرِيكة النَّعَامَةِ. وبَيْضةُ الْبَلَدِ: السَّيِّدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَدْ يُذَمُّ ببَيْضة الْبَلَدِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي الذَّمِّ لِلرَّاعِي يَهْجُو ابْنَ الرِّقاعِ الْعَامِلِيَّ:
لَوْ كُنتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ، ... يَا ابْنَ الرِّقاعِ، وَلَكِنْ لستَ مِنْ أَحَدِ
تَأْبى قُضاعةُ لَمْ تَعْرِفْ لَكُمْ نَسَباً ... وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ
أَرادَ أَنه لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا عَشِيرَةَ تَحْمِيه؛ قَالَ: وَسُئِلَ ابْنُ الأَعرابي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِذا مُدِحَ بِهَا فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حِينَئِذٍ يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بِهَا فَهِيَ الَّتِي قَدْ خَرَجَ الفَرْخُ مِنْهَا ورَمى بِهَا الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ أَذَلُّ مِنْ بَيْضةِ البَلَدِ أَي مِنْ بَيْضَةِ النَّعَامِ الَّتِي يَتْرُكُهَا؛ وأَنشد كُرَاعٌ لِلْمُتَلَمِّسِ فِي مَوْضِعِ الذَّمِّ وَذَكَرَهُ أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الأَضداد، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الشِّعْرُ لِصِنَّان بْنِ عبَّاد الْيَشْكُرِيِّ وَهُوَ:
لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي لَهُ تَرَعٌ ... عَلَى الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذِي لَدَدِ
لَوْ كَانَ حَوْضَ حِمَارٍ مَا شَرِبْت بِهِ، ... إِلّا بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ
لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه ... رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
أَي أَمسى ذَلِيلًا كَهَذِهِ البَيْضة الَّتِي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بِهَا الظَّلِيمُ فدِيسَت فَلَا أَذَل مِنْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حِمَار فِي الْبَيْتِ اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ، وشمطٌ هُوَ شَمْطُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْيَشْكُرِيُّ، وَكَانَ أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بْنِ عبَّاد قَائِلِ هَذَا الشِّعْرِ فَغَضِبَ لِذَلِكَ، وَقَالَ الْمَرْزُوقِيُّ: حِمَارٌ أَخوه وَكَانَ فِي حَيَاتِهِ يتعزَّزُ به؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ يَهْجُو حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لِحَسَّانَ:
أَرى الجَلابِيبَ قَدْ عَزُّوا، وَقَدْ كَثُروا، ... وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مَدْحٌ. وَابْنُ فُرَيْعة: أَبوه «١». وأَراد بِالْجَلَابِيبِ سَفِلة النَّاسِ وغَثْراءَهم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَيْسَ مَا قَالَهُ أَبو حَاتِمٍ بِجَيِّدٍ، وَمَعْنَى قَوْلُ حَسَّانَ أَن سَفِلة النَّاسِ عزُّوا وَكَثُرُوا بَعْدَ ذِلَّتِهِم وَقِلَّتِهِمْ، وَابْنُ فُرَيعة الَّذِي كَانَ ذَا ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قَدْ أُخِّرَ عَنْ قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ بالأَمر دُونَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْضة الْبَلَدِ الَّتِي تَبِيضُها النَّعَامَةُ ثُمَّ تَتْرُكُهَا بِالْفَلَاةِ فَلَا تَحْضُنها، فَتَبْقَى تَرِيكةً بِالْفَلَاةِ. وَرَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْكَرِيمِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يَمْدَحُونَهُ، وَيَقُولُونَ لِلْآخَرِ: هُوَ بَيْضة الْبَلَدِ يذُمُّونه، قَالَ: فالممدوحُ يُرَادُ بِهِ البَيْضة الَّتِي تَصُونها النَّعَامَةُ وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فِيهَا فَرْخَها فَالْمَمْدُوحُ من هاهنا، فإِذا انْفَلَقت عَنْ فَرْخِها رَمَى بِهَا الظليمُ فَتَقَعُ فِي الْبَلَدِ القَفْر فَمِنْ هاهنا ذُمَّ الْآخَرُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ بَيْضةُ الْبَلَدِ: هُوَ مِنَ الأَضداد يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، فإِذا مُدِح الرَّجُلُ فَقِيلَ هُوَ بَيْضةُ الْبَلَدِ أُرِيدَ بِهِ واحدُ الْبَلَدِ الَّذِي يُجْتَمع إِليه ويُقْبَل قولُه، وَقِيلَ فَرْدٌ لَيْسَ أَحد مِثْلَهُ فِي شَرَفِهِ؛ وأَنشد أَبو الْعَبَّاسِ لامرأَة مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ تَرْثِي عَمْرَو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَتَذْكُرُ قَتْلَ عليّ إِيَّاه:
(١). قوله [وابن فريعة أبوه] كذا بالأَصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن الفريعة كجهينة وهي أُمه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute