يأْتِينَ قُبُلَ الصَّيْفِ، قَالَ: وأَما الخُضارةُ فَهِيَ مِنَ البُقول الشَّتْوِيّة وَلَيْسَتْ مِنَ الجَنْبة، فَضَرَبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آكِلةَ الخَضِرِ مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِد فِي أَخذ الدُّنْيَا وجمْعِها وَلَا يُسْرِفُ فِي قَمِّها «٢» والحِرص عَلَيْهَا، وأَنه يَنْجُو مِنْ وَبالِها كَمَا نَجَتْ آكلةُ الخَضِر، أَلا تَرَاهُ قَالَ: فإِنها إِذا أَصابت مِنَ الخَضِر اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فثَلطت وَبَالَتْ؟ وإِذا ثَلَطَتْ فَقَدْ ذَهَبَ حبَطُها، وإِنما تَحْبَطُ الماشيةُ إِذا لَمْ تَثْلِطْ وَلَمْ تَبُلْ وأْتُطِمَت عَلَيْهَا بُطُونُهَا، وَقَوْلُهُ إِلا آكِلَةَ الْخَضِرِ مَعْنَاهُ لكنَّ آكِلَةَ الْخَضِرِ. وأَما قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن هَذَا الْمَالَ خَضِرةٌ حُلْوة، هَاهُنَا النَّاعِمَةُ الغَضّةُ، وحَثَّ عَلَى إِعطاء المِسكين وَالْيَتِيمِ مِنْهُ مَعَ حَلاوتِه ورَغْبةِ النَّاسِ فِيهِ، ليَقِيَه اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وبالَ نَعْمَتِها فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. والحبَطُ: أَن تأْكل الماشية فتكثر حتى تَنْتَفِخَ لِذَلِكَ بُطُونُهَا وَلَا يخرج عنها ما فيها. ابْنُ سِيدَهْ: والحبَطُ فِي الضَّرْعِ أَهْونُ الورَمِ، وَقِيلَ: الحبَطُ الانْتِفاخُ أَين كَانَ مِنْ دَاءٍ أَو غَيْرِهِ. وحَبِطَ جِلدُه: وَرِمَ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ حَبِطُ القُصَيْرَى إِذا كَانَ مُنْتَفِخَ الْخَاصِرَتَيْنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
فَلِيق النَّسا حَبِيط المَوْقِفَيْنِ، ... يَسْتَنُّ كالصَّدَعِ الأَشْعَبِ
قَالَ: وَلَا يَقُولُونَ حَبِط الفرسُ حَتَّى يُضِيفُوه إِلى القُصَيْرَى أَو إِلى الخاصِرةِ أَو إِلى المَوْقِفِ لأَن حبَطَه انتفاخُ بطنِه. واحْبَنْطَأَ الرجلُ: انْتَفَخَ بَطْنُهُ. والحَبَنْطَأُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ: الغَلِيظ القَصِير البطِينُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: المُحْبَنْطِئ، مَهْمُوزٌ وَغَيْرُ مَهْمُوزٍ، الممْتَلئ غضَباً، وَالنُّونُ وَالْهَمْزَةُ والأَلف وَالْبَاءُ زَوائدُ للإِلحاق، وَقِيلَ: الأَلف للإِلحاق بِسَفَرْجَلٍ. وَرَجُلٌ حَبَنْطًى، بِالتَّنْوِينِ، وحَبَنْطاةٌ ومُحْبَنْطٍ، وَقَدِ احْبَنْطَيْتَ، فإِن حَقَّرْتَ فأَنت بِالْخِيَارِ إِن شِئْتَ حَذَفْتَ النُّونَ وأَبدلت مِنَ الأَلف يَاءً وَقُلْتَ حُبَيْطٍ، بِكَسْرِ الطَّاءِ مُنَوَّنًا لأَن الأَلف لَيْسَتْ للتأْنيث فَيُفْتَحُ مَا قَبْلَهَا كَمَا نَفْتَحُ فِي تَصْغِيرِ حُبْلى وبُشْرى، وإِن بقَّيت النُّونَ وَحَذَفْتَ الأَلف قُلْتَ حُبَيْنِطٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ اسْمٍ فِيهِ زِيَادَتَانِ للإِلحاق فَاحْذِفْ أَيَّتَهما شِئْتَ، وإِن شئتَ أَيضاً عوَّضْتَ مِنَ الْمَحْذُوفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وإِن شئتَ لَمْ تُعَوِّضْ، فإِن عوَّضت فِي الأَوّل قُلْتَ حُبَيِّطٍ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَالطَّاءِ مَكْسُورَةً، وَقُلْتَ فِي الثَّانِي حُبَيْنِيطٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي عَفَرْنى. وامرأَة حَبَنْطاةٌ: قَصِيرَةٌ دَمِيمةٌ عَظيمةُ البطْنِ. والحَبَنْطى: المُمْتلئ غضَباً أَو بِطْنَةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: رَجُلٌ حَبَنْطًى، مَقْصُورٌ، وحِبَنْطًى، مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ، وحَبَنْطأٌ وحَبَنْطَأَةٌ أَي مُمْتلئ غَيْظًا أَو بِطنة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
إِني إِذا أَنْشَدْتُ لَا أَحْبَنْطِي، ... وَلَا أُحِبُّ كَثْرةَ التَّمَطِّي
قَالَ وَقَالَ فِي الْمَهْمُوزِ:
مَا لَكَ تَرْمِي بالخَنى إِلينا، ... مُحْبَنْطِئاً مُنْتَقِماً عَلَيْنَا؟
وَقَدْ تَرْجَمَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى حَبْطَأَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ فِي تَرْجَمَةِ حبط لأَن الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ لَيْسَتْ بأَصلية، وَقَدِ احْبَنْطَأْت واحْبَنْطَيْت، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الحبَطِ الَّذِي هُوَ الورَمُ، وَلِذَلِكَ حَكَمَ عَلَى نُونِهِ وَهَمْزَتِهِ أَو يَائِهِ أَنهما مُلْحِقتان لَهُ بِبِنَاءِ سَفَرْجل. والمُحْبَنْطِئُ: اللَّازِقُ بالأَرض. وفي الحديث:
(٢). قوله [قمها] أي جمعها كما بهامش الأصل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute