للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ

أَي يَتَخَبَّطُ فِيهِ ويَضْطَرِبُ ويتمرّغُ. وشحَطَتْه العقربُ ووَكَعَتْه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الأَزهري: يُقَالُ شحَطَ الطائرُ وصامَ ومَزَقَ ومَرَقَ وسَقْسقَ، وَهُوَ الشحْطُ والصوْمُ. الأَزهري: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ سَابِقًا قَدْ شحَطَ الخيلَ شحْطاً أَي فاتَها. وَيُقَالُ: شحَطَتْ بنُو هَاشِمٍ العربَ أَي فاتُوهم فَضْلًا وسبَقُوهم. والشحْطةُ: العُودُ مِنَ الرُّمّان وَغَيْرِهِ تَغْرِسُه إِلى جَنْبِ قَضِيب الحَبَلةِ حَتَّى يَعْلُوَ فوقَه، وَقِيلَ: الشحْطُ خَشَبَةٌ تُوضَعُ إِلى جَنْبِ الأَغصان الرِّطابِ الْمُتَفَرِّقَةِ القِصار الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الشُّكُر حَتَّى تَرْتَفِعَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: هُوَ عُودٌ تُرْفَعُ عَلَيْهِ الحَبَلة حَتَّى تَسْتقِلّ إِلى العَرِيش. قَالَ أَبو الْخَطَّابِ: شحَطْتها أَي وَضَعْتُ إِلى جَنْبِهَا خَشَبَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ إِليها. والمِشْحَطُ: عُوَيْد يُوضع عِنْدَ القَضِيب مِنْ قُضْبانِ الكرْم يَقِيه مِنَ الأَرض. والشَّوْحَطُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْع تُتَّخَذُ مِنْهُ القِياسُ وَهِيَ مِنْ شَجَرِ الجبالِ جبالِ السَّراةِ؛ قَالَ الأَعشى:

وجِياداً، كأَنها قُضُبُ الشَّوْحَطِ، ... يَحْمِلْنَ شِكّةَ الأَبطالِ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني الْعَالِمُ بِالشَّوْحَطِ أَنَّ نباتَه نباتُ الأَرْزِ قُضبان تَسْمُو كَثِيرَةٌ مِنْ أَصل وَاحِدٍ، قَالَ: وَوَرَقُهُ فِيمَا ذَكَرَ رِقاقٌ طِوالٌ وَلَهُ ثَمَرَةٌ مِثْلُ الْعِنَبَةِ الطَّوِيلَةِ إِلا أَنَّ طَرَفَهَا أَدَقُّ وَهِيَ لَيِّنَةٌ تؤْكل. وَقَالَ مُرَّةُ: الشوْحَطُ والنَّبْعُ أَصفرا الْعُودِ رَزِيناه ثَقِيلانِ فِي الْيَدِ إِذا تقادَما احْمَرَّا، وَاحِدَتُهُ شَوْحَطة. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنه قَالَ: النبْعُ والشوحطُ والشَّرْيان شَجَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ أَسماؤها بكَرَمِ مَنابِتها، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلّة الْجَبَلِ فَهُوَ النبْعُ، وَمَا كَانَ فِي سَفْحِه فَهُوَ الشَّرْيان، وَمَا كَانَ فِي الحَضِيضِ فَهُوَ الشَّوْحَطُ. الأَصمعي: مِنْ أَشجار الْجِبَالِ النَّبْعُ وَالشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ؛ وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَمياله أَن النَّبْعَ والشوْحَطَ وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَوْس يَصِفُ قَوْسًا:

تَعَلَّمَها فِي غِيلِها، وَهِيَ حَظْوةٌ، ... بوادٍ بِهِ نَبْعٌ طِوالٌ وحِثْيَلُ

وَبانٌ وظَيَّانٌ ورَنْفٌ وشَوْحَطٌ، ... أَلَفُّ أَثِيثٌ ناعِمٌ مُتَعَبِّلُ

فَجَعَلَ مَنْبِتَ النبْعِ والشوْحطِ وَاحِدًا؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ قَوْسًا:

مِن فَرْعِ شَوْحَطةٍ، بِضاحي هَضْبةٍ، ... لَقِحَتْ بِهِ لَقحاً خِلافَ حِيالِ

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وَقَدْ جَعل الوَسْمِيُّ يُنْبِتُ، بَيْنَنَا ... وبينَ بَنِي دُودانَ، نَبْعاً وشَوْحَطا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تطْلُب ثأْرَها إِلا إِذا أَخْصَبَتْ بلادُها، أَي صَارَ هَذَا الْمَطَرُ يُنبِت لَنَا القِسِيّ الَّتِي تَكُونُ مِنَ النَّبْعِ وَالشَّوْحَطِ. قَالَ أَبو زِيَادٍ: وتُصنع الْقِيَاسُ مِنَ الشَّرْيان وَهِيَ جَيِّدَةٌ إِلا أَنها سَوْدَاءُ مُشْرَبةٌ حُمْرَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَفِي الشِّمالِ مِنَ الشَّرْيانِ مُطْعِمةٌ ... كَبْداء، فِي عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْوِيمُ

وَذَكَرَ الْغَنَوِيُّ الأَعرابي أَن السَّراء مِنَ النَّبْعِ؛ وَيُقَوِّي قولَه قولُ أَوْس فِي صِفَةِ قَوْس نَبْعٍ أَطنب فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>