للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصْفِهَا ثُمَّ جَعَلَهَا سَراء فَهُمَا إِذاً وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهُ:

وصَفْراء مِنْ نَبْعٍ كأَنَّ نَذِيرَها، ... إِذا لَمْ يُخَفِّضْه عَنِ الْوَحْشِ، أَفْكَلُ

وَيُرْوَى: أَزْمَلُ فَبَالَغَ فِي وَصْفِهَا؛ ثُمَّ ذَكَرَ عَرْضَها لِلْبَيْعِ «٢» وامْتِناعَه فَقَالَ:

فأَزْعَجَه أَن قِيلَ: شَتَّان مَا تَرَى ... إِليكَ، وعُودٌ مِنْ سَراء مُعَطَّلُ

فَثَبَتَ بِهَذَا أَن النَّبْعَ وَالشَّوْحَطَ والسَّراء فِي قَوْلِ الْغَنَوِيِّ وَاحِدٌ، وأَما الشَّرْيان فَلَمْ يَذْهَبْ أَحد إِلى أَنه مِنَ النَّبْعِ إِلَّا الْمُبَرِّدُ وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّوْحَطُ وَالنَّبْعُ شَجَرٌ وَاحِدٌ، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلّةِ الْجَبَلِ فَهُوَ نَبع، وَمَا كَانَ منها في سَفْحه فهو شَوْحَطٌ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي الحَضيض فَهُوَ شَرْيان وَقَدْ ردَّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ. وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: النَّبْعُ وَالشَّوْحَطُ شَجَرٌ وَاحِدٌ إِلا أَن النَّبْعَ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ فِي الْجَبَلِ، وَالشَّوْحَطُ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ فِي السَّهْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه ضربَه بمِخْرَش مِنْ شَوْحَطٍ

، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. وشِيحاط: مَوْضِعٌ بِالطَّائِفِ. وشُواحِطٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ الْهُذَلِيُّ:

غَداةَ شُواحِطٍ فنَجَوْتَ شَدّاً، ... وثَوْبُكَ فِي عَباقِيةٍ هَرِيدُ

والشُّمْحُوطُ: الطَّوِيلُ، وَالْمِيمُ زائدة.

شرط: الشَّرْطُ: مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ الشَّريطةُ، وَالْجَمْعُ شُروط وشَرائطُ. والشَّرْطُ: إِلزامُ الشَّيْءِ والتِزامُه فِي البيعِ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ شُروط. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَجُوزُ شَرْطانِ فِي بَيْعٍ

، هُوَ كَقَوْلِكَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْداً بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين فِي بَيْعةٍ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَكثر الْفُقَهَاءِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَيْنَ شَرْط وَاحِدٍ أَو شَرْطَيْنِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحمد عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

نُهِيَ عَنْ بَيْع وشَرْطٍ

، وَهُوَ أَن يَكُونَ الشرطُ مُلَازِمًا فِي الْعَقْدِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

بَرِيرةَ: شَرْطُ اللهِ أَحَقُ

؛ يُرِيدُ مَا أَظهره وبيَّنه مِنْ حُكم اللَّهِ

بِقَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتق

، وَقِيلَ: هُوَ إِشارة إِلى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ؛ وَقَدْ شرَط لَهُ وَعَلَيْهِ كَذَا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط عَلَيْهِ. والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وَقَدْ شارَطَه وشرَط لَهُ فِي ضَيْعَتِه يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً. والشَّرَطُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْعَلَامَةُ، وَالْجَمْعُ أَشْراطٌ. وأَشْراطُ الساعةِ: أَعْلامُها، وَهُوَ مِنْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها

. والاشْتِراطُ: الْعَلَامَةُ الَّتِي يَجْعَلُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ. وأَشْرَطَ طَائِفَةً مِنْ إِبله وَغَنَمِهِ: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها لِلْبَيْعِ. والشَّرَطُ مِنَ الإِبل: مَا يُجْلَبُ لِلْبَيْعِ نَحْوَ النَّاب والدَّبِرِ. يُقَالُ: إِن فِي إِبلك شَرَطاً، فَيَقُولُ: لَا وَلَكِنَّهَا لُبابٌ كُلُّهَا. وأَشْرَط فُلَانٌ نفسَه لِكَذَا وَكَذَا: أَعْلَمها لَهُ وأَعَدَّها؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الشُّرَطُ لأَنهم جَعَلُوا لأَنفسهم عَلَامَةً يُعْرَفُون بِهَا، الْوَاحِدُ شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عَلَيْهَا، ... وَكَانَ بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا


(٢). قوله [ذكر عرضها للبيع إلخ] كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>