للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَوْضَةٌ، وَقِيلَ: التُّرْعة المَتْن الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الإِناء المُتْرَع، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي. وَقَالَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ: أَحسنُ مَا تَكُونُ الروْضةُ عَلَى الْمَكَانِ فِيهِ غِلَظٌ وارْتفاع؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:

مَا رَوْضةٌ مِنْ رِياض الحَزْنِ مُعْشِبةٌ ... خَضْراء، جادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ

فأَما قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:

هاجُوا الرحيلَ، وَقَالُوا: إِنّ مَشْرَبَكم ... مَاءُ الزَّنانيرِ مِنْ ماويَّةَ التُّرَعُ

فَهُوَ جَمْعُ التُّرْعةِ مِنَ الأَرض، وَهُوَ عَلَى بَدَلٍ مِنْ قَوْلِهِ مَاءُ الزَّنَانِيرِ كأَنه قَالَ غُدْران مَاءَ الزَّنَانِيرِ، وَهِيَ مَوْضِعٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: التُّرَعِ، وَزَعْمَ أَنه أَراد المَمْلُوءة فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِمَاوِيَّةَ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا آنِيَةٌ تُرَع. والتُّرْعةُ: البابُ. وَحَدِيثُ

سَيِّدِنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْبري هَذَا عَلَى تُرْعةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ

، قِيلَ فِيهِ: التُّرْعة البابُ، كأَنه قَالَ مِنبري عَلَى بَابٍ مِنْ أَبواب الْجَنَّةِ، قَالَ ذَلِكَ سَهل بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ وَهُوَ الَّذِي رَوى الْحَدِيثَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقِيلَ: التُّرْعَةُ المِرْقاةُ مِنَ المِنبر، قَالَ القُتيبي: مَعْنَاهُ أَن الصلاةَ وَالذِّكْرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُؤدّيان إِلى الْجَنَّةِ فكأَنه قِطْعة مِنْهَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

ارْتَعُوا فِي رِياض الْجَنَّةِ

أَي مَجالِسِ الذِّكْرِ، وَحَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: مَن أَراد أَن يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ فليقرأْ أَلَ حم

، وَهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الِاسْتِعَارَةِ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِ

عائدُ المَريض فِي مَخارِف الْجَنَّةِ

،

والجنةُ تَحْتَ بارقةِ السُّيُوفِ

،

وَتَحْتَ أَقدام الأُمهات

أَي أَن هَذِهِ الأَشياء تُؤَدِّي إِلى الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: التُّرعة فِي الْحَدِيثِ الدَّرجةُ، وَقِيلَ: الرَّوْضَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:

إِن قَدَمَيَّ عَلَى تُرْعةٍ مِنْ تُرَعِ الْحَوْضِ

، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، أَبو عُبَيْدٍ. أَبو عَمْرٍو: التُّرْعةُ مَقام الشاربةِ مِنَ الْحَوْضِ. وَقَالَ الأَزهري: تُرْعةُ الْحَوْضِ مَفْتح الْمَاءِ إِليه، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَتْرَعْت الحوضَ إِتْراعاً إِذا ملأْته، وأَتْرَعْت الإِناء، فَهُوَ مُتْرَع. والتَّرّاعُ: البَوّاب؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ هُدْبةُ «١» بْنُ الخَشْرَم:

يُخَيِّرُني تَرّاعُه بَيْنَ حَلْقةٍ ... أَزُومٍ، إِذا عَضَّتْ، وكَبْلٍ مُضَبَّبِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ يُخَيِّرُنِي حَدّاده. وَرَوَى الأَزهري عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمة أَنه قَالَ: قرأْت فِي مُصْحَفِ أُبيّ بْنِ كَعْبٍ: وتَرَّعَتِ الأَبوابَ، قَالَ: هُوَ فِي مَعْنَى غَلَّقت الأَبواب. والتُّرْعة: فَمُ الجَدْولِ يَنْفَجِر مِنَ النَّهْرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي الصِّحَاحِ: والتُّرْعةُ أَفواه الجَداولِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ والتُّرَعُ جَمْعُ تُرْعة أَفواه الْجَدَاوِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِنّ قَدَمَيَّ عَلَى تُرْعة مِنْ تُرَع الْجَنَّةِ، وَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبادِ اللَّهِ خَيَّره رَبُّه بَيْنَ أَن يَعِيش فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ أَن يأْكل فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ لِقَائِهِ فَاخْتَارَ العبدُ لِقَاءَ رَبِّهِ، قَالَ: فَبَكَى أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَهَا وَقَالَ: بَلْ نُفَدِّيك يَا رَسُولُ اللَّهِ بِآبَائِنَا.

قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ: وَالرِّوَايَةُ مُتَّصِلَةٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ هَذَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، نَعَى نفْسَه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى أَصحابه. والتُّرْعة: مَسِيل الْمَاءِ إِلى الرَّوْضَةِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ تُرَعٌ. والتُّرْعة: شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ تَنْبُتُ مَعَ الْبَقْلِ وتَيْبَس مَعَهُ هِيَ أَحب


(١). قوله [قال هدبة] أي يصف السجن كما في الأساس

<<  <  ج: ص:  >  >>