للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكُنَّا أُناساً دائِنينَ بغِبْطةٍ، ... يَسِيلُ بِنا تَلْعُ المَلا وأَبارِقُهْ

وَقَالَ النَّابِغَةُ:

عَفا ذُو حُساً مِنْ فَرْتَنى فالفَوارِعُ، ... فَجَنْبا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ

حَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ ثَعْلَبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَعِنْدَهُ أَبو مُضَر أَخو أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي فَقَالَ لِي: مَا التَّلْعةُ؟ فَقُلْتُ: أَهل الرِّوَايَةِ يَقُولُونَ هُوَ مِنَ الأَضداد يَكُونُ لِمَا عَلا وَلِمَا سَفَل؛ قَالَ الرَّاعِي فِي الْعُلُوِّ:

كدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلى تَلْعةٍ، ... غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولا

وَقَالَ زُهَيْرٌ فِي الِانْهِبَاطِ:

وإِني مَتى أَهْبِطْ مِنَ الأَرضِ تَلْعةً، ... أَجِدْ أَثَراً قَبْلي جَدِيداً وعافِيا

قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنما هِيَ مَسِيل مَاءٍ مِنْ أَعلى الْوَادِي إِلى أَسفله، فَمَرَّةً يُوصَفُ أَعلاها وَمَرَّةً يُوصَفُ أَسفلها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يَبْدُو «١» إِلى هَذِهِ التِّلاع

؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ مِنَ الأَضداد يَقَعُ عَلَى مَا انْحَدَرَ مِنَ الأَرض وأَشْرَفَ مِنْهَا. وَفُلَانٌ لَا يُوثَقُ بسَيْل تَلْعَته: يُوصَفُ بِالْكَذِبِ أَي لَا يوثقُ بِمَا يَقُولُ وَمَا يَجِيءُ بِهِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَمثال جَاءَتْ فِي التلْعةِ؛ وَقَوْلُ كثيِّر عَزَّةَ:

بكلِّ تِلاعةٍ كالبَدْرِ لَمّا ... تَنَوَّرَ، واسْتَقَلَّ عَلَى الحِبالِ

قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: التِّلاعةُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض شبَّه النَّاقَةَ بِهِ، وَقِيلَ: التلاعةُ الطويلةُ العُنُقِ المرتفِعَتُه وَالْبَابُ وَاحِدٌ. وتَلْعَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَلا رُبَّما هاجَ التذَكُّرُ والهَوَى، ... بتَلْعةَ، إِرْشاشَ الدُّموعِ السَّواجِم

وَقَالَ أَيضاً:

وَقَدْ كَانَ فِي بَقْعاء رِيٌّ لِشائكُمْ، ... وتَلْعةَ والجَوْفاء يَجْرِي غَدِيرُها

وَيُرْوَى:

وتَلْعةُ والجوفاءُ يَجْرِي غَدِيرُهَا

أَي يَطَّرِدُ عِنْدَ هُبوب الرِّيح. ومُتالِعٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ: جَبَلٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ ... بالحِبْسِ، بَيْنَ البيدِ والسُّوبانِ

وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَجُزَهُ:

فتَقادَمَت بالحبْس فالسوبانِ

أَراد المَنازِل فَحَذَفَ وَهُوَ قَبِيحٌ. قَالَ الأَزهري: مُتالع جَبَلٌ بِنَاحِيَةِ الْبَحْرِينِ بَيْنَ السَّوْدةِ والأَحْساء، وَفِي سَفْح هَذَا الْجَبَلِ عَيْنٌ يَسيح مَاؤُهُ يُقَالُ لَهُ عَيْنُ مُتالع. والتَّلَعُ شَبِيهٌ بالتَّرَع: لُغَيّةٌ أَو لُثْغة أَو بَدَلٌ. وَرَجُلٌ تَلِعٌ: بِمَعْنَى التَّرِعِ.

توع: تاعَ اللِّبَأَ والسَّمْن يَتوعه توْعاً إِذا كَسَرَهُ بقِطعة خُبْزٍ أَو أَخذه بِهَا. حَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: التوْعُ كَسْرُك لِبأً أَو سَمناً بكِسْرة خُبْزٍ ترفَعُه بِهَا، تَقُولُ مِنْهُ: تُعْتُه فأَنا أَتُوعه تَوْعاً.


(١). قوله [كان يبدو] يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، كما في هامش النهاية

<<  <  ج: ص:  >  >>