للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَلَامُ الْعَرَبِ والمُوَلَّدون يَقُولُونَ شَمْعٌ، بِالتَّسْكِينِ، والشَّمَعةُ أَخص مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ غَلِطَ لأَن الشَّمَع والشَّمْعَ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قُلِ الشَّمَعَ لِلْمُومِ وَلَا تَقُلِ الشَّمْعَ. وأَشْمَعَ السِّراجُ: سَطَع نورُه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

كَلَمْحِ بَرْقٍ أَو سِراجٍ أَشْمَعا

والشَّمْعُ والشُّمُوعُ والشِّماعُ والشِّماعةُ والمَشْمَعةُ: الطَّرَبُ والضَّحِك والمِزاحُ واللَّعِبُ. وَقَدْ شَمَعَ يَشْمَعُ شَمْعاً وشُمُوعاً ومَشْمَعةً إِذا لَمْ يَجِدَّ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَذْكُرُ أَضيافَه:

سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشمَعةٍ، وأَثْنِي ... بِجُهْدِي مِنْ طَعامٍ أَو بِساطِ

أَراد مِنْ طَعامٍ وبِساطٍ، يُرِيدُ أَنه يبدأُ أَضيافه عِنْدَ نُزُولِهِمْ بالمِزاحِ والمُضاحكة ليُؤَنِّسَهم بِذَلِكَ، وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَآتِي بِجُهْدِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ وأَثْنِي بجُهْدي أَي أُتْبِعُ، يُرِيدُ أَنه يَبْدَأُ أَضيافَه بالمِزاحِ لِيَنْبَسِطُوا ثُمَّ يأْتيهم بَعْدَ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ تَتَبَّع المَشْمَعةَ يُشَمِّعُ اللهُ بِهِ

؛ أَراد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ مَن كَانَ مِن شأْنه العَبَثُ بِالنَّاسِ والاستهزاءُ أَصارَه اللَّهُ تَعَالَى إِلى حَالَةٍ يُعْبَثُ بِهِ فِيهَا ويُسْتَهْزَأُ مِنْهُ، فَمَنْ أَراد الِاسْتِهْزَاءَ بِالنَّاسِ جَازَاهُ اللَّهُ مُجازاةَ فِعْلِه. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذا كُنَّا عِنْدَكَ رَقَّت قُلُوبُنَا وإِذا فارقناكَ شَمَعْنا أَو شَمَمْنا النِّسَاءَ والأَولادَ

أَي لاعَبْنا الأَهْلَ وعاشَرْناهُنّ، والشِّماعُ: اللَّهْوُ واللَّعِبُ. والشَّمُوعُ: الْجَارِيَةُ اللَّعُوبُ الضَّحُوكُ الآنِسةُ، وَقِيلَ: هِيَ المَزّاحةُ الطَّيِّبةُ الْحَدِيثِ الَّتِي تُقَبِّلُكَ وَلَا تُطاوِعُك عَلَى سِوَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: الشَّمُوعُ اللَّعُوبُ الضَّحُوكُ فَقَطْ، وَقَدْ شَمَعَتْ تَشْمَعُ شَمْعاً وشُمُوعاً. وَرَجُلٌ شَموعٌ: لَعُوبٌ ضَحُوكٌ، والفِعْلُ كالفِعْل وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ؛ وقولُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحِمارَ:

فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضة، ... فَيَجِدُّ حِيناً فِي المِراحِ ويَشْمَعُ

قَالَ الأَصمعي: يَلْعَبُ لا يُجادُّ.

شنع: الشَّناعةُ: الفَظاعةُ، شَنُعَ الأَمرُ أَو الشَّيْءُ شَناعةً وشَنَعاً وشُنعاً وشُنُوعاً: قَبُح، فَهُوَ شَنِيعٌ، وَالِاسْمُ الشُّنْعةُ؛ فأَما قَوْلُ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:

سائِلْ بِنا فِي قَوْمِنا، ... ولْيَكْفِ مِنْ شرٍّ سَماعُهْ

قَيْساً، وَمَا جَمَعُوا لَنا ... فِي مَجْمَعٍ باقٍ شَناعُهْ

فَقَدْ يَكُونُ شَناعٌ مِنْ مَصَادِرِ شَنُعَ كَقَوْلِهِمْ سَقُمَ سَقاماً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تُرِيدَ شَنَاعَتَهُ فحذفُ الْهَاءَ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تأَوَّل بَعْضُهُمْ قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:

أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّر خالِدٌ ... عِيادِي عَلَى الهِجْرانِ أَمْ هُوَ يائِسُ؟

مِنْ أَنه أَراد عِيَادَتِي فَحَذَفَ التَّاءَ مُضْطَرّاً. وأَمرٌ أَشْنَعُ وشَنِيعٌ: قَبِيحٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذؤَيب:

مُتَحامِيَيْن المَجْدَ كلٌّ واثِقٌ ... بِبَلائه، واليَوْمُ يَوْمٌ أَشْنَعُ «١»

وَمِثْلُهُ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُويْرة:

وَلَقَدْ غُبِطْتُ بِمَا أُلاقي حِقْبةً، ... وَلَقَدْ يَمُرُّ عليَّ يَوْمٌ أَشْنَعُ


(١). قوله [متحاميين المجد] في شرح القاموس: يتناهبان المجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>