للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم ... هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ

أَي مِمَّنْ يُتبعُه طَرْفَه نَاظِرًا. ابْنُ الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رَجُلًا فَقَالَ: هُوَ ضَبٌّ مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مِثْلُ الضَّبِّ الْحَقُودِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ. والمَشِيعُ: مِنْ قَوْلِكَ شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأَتَه. وتَشَيَّعَ فِي الشَّيْءِ: اسْتَهلك فِي هَواه. وشَيَّعَ النارَ فِي الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

شَداً كَمَا يُشَيَّعُ التَّضْريمُ «١»

والشَّيُوعُ والشِّياعُ: مَا أُوقِدَتْ بِهِ النَّارُ، وَقِيلَ: هُوَ دِقُّ الْحَطَبِ تُشَيَّعُ بِهِ النَّارُ كَمَا يُقَالُ شِبابٌ لِلنَّارِ وجِلاءٌ لِلْعَيْنِ. وشَيَّعَ الرجلَ بِالنَّارِ: أَحْرَقَه، وَقِيلَ: كلُّ مَا أُحْرِقَ فَقَدْ شُيِّعَ. يُقَالُ: شَيَّعْتُ النَّارَ إِذا أَلْقَيْتَ عَلَيْهَا حَطَبًا تُذْكيها بِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَحنف: وإِن حَسَكى «٢» كَانَ رَجُلًا مُشَيَّعاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد به هاهنا العَجولَ مِنْ قَوْلِكَ شَيَّعْتُ النارَ إِذا أَلقيت عَلَيْهَا حَطباً تُشْعِلُها بِهِ. والشِّياعُ: صَوْتُ قَصَبةٍ يَنْفُخُ فِيهَا الرَّاعِي؛ قَالَ:

حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ

وشَيَّعَ الرَّاعِي فِي الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فِيهَا. والشاعةُ: الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بِهَا وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: صَاحَ بِهَا ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قَالَ لَبِيدٌ:

تَبكِّي عَلَى إِثْرِ الشَّبابِ الَّذِي مَضَى، ... أَلا إِنَّ إِخوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ

«٣» أَتَجْزَعُ مِمَّا أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟ ... وأَيُّ كرِيمٍ لَمْ تُصِبْه القَوارِعُ؟

فَيَمْضُونَ أَرْسالًا ونَخْلُفُ بَعْدَهُم، ... كَمَا ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ «٤»

وَقِيلَ: شايَعْتُ بِهَا إِذا دَعَوْتَ لَهَا لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ الرَّاعِيَ:

فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها، ... وشايِعْ بِهَا، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا

يَقُولُ: صَوَّتَ بِهَا ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

إِذا لَمْ تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ ... شمارِيخَ لَمْ يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ مَرْيم ابْنَةَ عِمْرانَ سأَلت رَبَّهَا أَنْ يُطْعِمَها لَحْمًا لَا دَمَ فِيهِ فأَطْعَمها الْجَرَادَ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ أَعِشْه بِغَيْرِ رَضاع وتابِعْ بَيْنَهُ بِغَيْرِ شِياعٍ

؛ الشِّياعُ، بِالْكَسْرِ: الدُّعَاءُ بالإِبل لتَنْساق وَتَجْتَمِعَ؛ الْمَعْنَى يُتابِعُ بَيْنَهُ فِي الطَّيَرَانِ حَتَّى يَتَتابع مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشايَع كَمَا يُشايِعُ الرَّاعِي بإِبله لِتَجْتَمِعَ وَلَا تَتَفَرَّقَ عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بِغَيْرِ شِياعٍ أَي بِغَيْرِ صَوْتٍ، وَقِيلَ لِصَوْتِ الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الرَّاعِيَ يَجْمَعُ إِبله بِهَا؛ وَمِنْهُ

حَدِيثُ عَلِيٍّ: أُمِرْنا بِكَسْرِ الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ الرَّاعِي، وَمِنْهُ

قَوْلُ مَرْيَمَ: اللَّهُمَّ سُقْه بِلَا شِياعٍ

أَي بِلَا زَمّارة راع.


(١). قوله [شداً] كذا بالأصل.
(٢). قوله [حسكى] كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.
(٣). في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.
(٤). قوله [فيمضون إلخ] في شرح القاموس قبله:
وَمَا الْمَالُ والأَهلون إِلَّا وديعة ... وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ ترد الودائع

<<  <  ج: ص:  >  >>