للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ الأَعرابي: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ، ... ويومَ اللِّوَى حَتَّى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا

أَي أَذْلَلْته كَمَا تقرَع ظُنْبُوبَ بَعِيرِكَ لِيَتَنَوَّخَ لَكَ فَتَرْكَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَمَّارٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى حِينَ قِيلَ لَهُ مُحَمَّدٌ يَخْطُبُ خَدِيجَةَ قَالَ: نِعْمَ البُضْعُ «١» لَا يُقْرَعُ أَنفه

؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: هُوَ الْفَحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنفه

أَي أَنه كفءٌ كَرِيمٌ لَا يُرَدُّ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ قدع أَيضاً، وَقَوْلُهُ لَا يُقْرَعُ أَنفه كَانَ الرَّجُلُ يأْتي بِنَاقَةٍ كَرِيمَةٍ إِلى رَجُلٍ لَهُ فَحْلٌ يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه، فإِن أَخرج إِليه فَحْلًا لَيْسَ بِكَرِيمٍ قَرَعَ أَنفه وَقَالَ لَا أُريده. والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فَلَا يُتْرَكُ أَن يَضْرِبَ الإِبل رَغْبَةً عَنْهُ، وقَرَعْتُ البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً. وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا يَقْرَعُ: كفَّها بِهِ وكبَحَها؛ قَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّياحِي:

إِذا البَغْلُ لَمْ يُقْرَعْ لَهُ بلِجامِه، ... عَدا طَوْرَه فِي كلِّ مَا يَتَعَوَّدُ

وَقَالَ رؤْبة:

أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه

وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مِثْلَ فَرَعْتُ، وقَرَعَ فُلَانٌ سنَّه نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نَصْرٍ:

وَلَوْ أَني أَطَعْتُكَ فِي أُمُورٍ، ... قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي

وأَنشد بَعْضُهُمْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ ... ليَ النِّصْفُ مِنْهَا، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ

وَكَانَ زِنْباعُ بْنُ رَوْحٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْزِلُ مَشارفَ الشَّامِ، وَكَانَ يَعْشُرُ مَنْ مَرَّ بِهِ، فَخَرَجَ عُمَرُ فِي تِجَارَةٍ إِلى الشَّامِ وَمَعَهُ ذَهَبةٌ جَعَلَهَا فِي دَبِيلٍ وأَلقَمَها شارِفاً لَهُ، فَنَظَرَ إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عَيْنَاهَا فَقَالَ: إِن لَهَا لَشَأْناً، فَنَحَرَهَا ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فَحِينَئِذٍ قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَذَا الْبَيْتُ.

وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ مَا فِيهِ يَعْنِي أَنه شَرِبَ جَمِيعَ مَا فِيهِ؛ وأَنشد:

كأَنَّ الشُّهْبَ فِي الآذانِ مِنْهَا، ... إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنه أَخذ قَدَحَ سَوِيقٍ فَشَرِبَهُ حَتَّى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه

أَي ضرَبه، يَعْنِي شَرِبَ جَمِيعَ مَا فِيهِ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْخَمْرَ:

تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها ... بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما

قارَعْتُ دَنَّها أَيْ نزَفْتُ مَا فِيهِ حَتَّى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ بَعْدَ فَراغِه بِعُودٍ تَرَنَّمَ. والمِقْرعةُ: خَشَبَةٌ تُضْرَبُ بِهَا البغالُ وَالْحَمِيرُ، وَقِيلَ: كلُّ مَا قُرِعَ بِهِ فَهُوَ مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: الَّتِي تُضْرَبُ بِهَا الدَّابَّةُ، والمِقْراعُ كالفأْس يُكْسَرُ بِهَا الْحِجَارَةُ؛ قَالَ يَصِفُ ذَئْبًا:

يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذا لَمْ يَسْمَعِ، ... بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ «٢»

والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل:


(١). قوله [البضع] هو الكفء كما في النهاية وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.
(٢). قوله [يستمخر إلخ] أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>