حَتَّى اكْتَسى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا، ... أَمْلَحَ لَا آذَى وَلَا مُحَبَّبا
وَمِنْ كَلَامِ السَّاجِعِ: إِذا طَلَعَتِ الذِّراع، حَسَرتِ الشمسُ القِناع، وأَشْعَلَتْ فِي الأُفُقِ الشُّعاع، وتَرَقْرَقَ السّرابُ بكلِّ قَاعْ. اللَّيْثُ: المِقْنَعةُ مَا تُقَنِّعُ بِهِ المرأَةُ رأْسَها؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهل اللُّغَةِ بَيْنَ القِناعِ والمِقْنَعةِ، وَهُوَ مِثْلُ اللِّحافِ والمِلْحفةِ. وَفِي حَدِيثِ بدْرٍ:
فانْكَشَفَ قِناعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ
؛ قِناعُ القلبِ: غِشاؤُه تَشْبِيهًا بقناعِ المرأَةِ وَهُوَ أَكْبر مِنَ المِقْنعةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ
؛ هُوَ المُتَغَطِّي بالسِّلاحِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي عَلَى رأْسه بَيْضَةٌ وَهِيَ الخوذةُ لأَنَّ الرأْس مَوْضِعُ القِناعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه زارَ قبرَ أُمّه فِي أَلْفِ مُقَنَّعٍ
أَي فِي أَلف فَارِسٍ مُغطًّى بالسلاحِ. وَرَجُلٌ مُقَنَّعٌ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي عَلَيْهِ بَيضة ومِغْفَرٌ. وتَقَنَّعَ فِي السِّلَاحِ: دخَل. والمُقَنَّع: المُغَطَّى رأْسُه؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
فِي كلِّ يومٍ هامَتي مُقَرَّعَهْ ... قانِعةٌ، وَلَمْ تَكُنْ مُقَنَّعَهْ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا وَمِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ قَانِعَةٌ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ حَتَّى كأَنه قَدْ قِيلَ قَنَعَتْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى النسَبِ أَي ذَاتَ قِناعٍ وأُلحق فِيهَا الْهَاءُ لِتَمَكُّنِ التأْنيث؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَحَد وُلاتِه كَتَبَ إِليه كِتَابًا لَحَنَ فِيهِ فَكَتَبَ إِليه عُمَرُ أَنْ قَنِّعْ كَاتِبَكَ سَوْطًا وإِنه لَلَئِيمُ القِنْعِ
، بِكَسْرِ الْقَافِ، إِذا كَانَ لَئِمَ الأَصْل. والقِنْعانُ: الْعَظِيمُ مِنَ الوُعولِ. والقِنْعُ والقِناعُ: الطَّبَقُ مِنْ عُسُبِ النخْلِ يُوضَعُ فِيهِ الطَّعَامُ، وَالْجَمْعُ أَقْناعٌ وأَقْنِعةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الرُّبَيِّعِ بِنْتِ المُعَوِّذ قَالَتْ: أَتيتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بقِناعٍ مِنْ رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْبٍ
؛ قَالَ: القِنْعُ والقِناعُ الطبَقُ الَّذِي يؤْكل عَلَيْهِ الطعامُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيُجْعَلُ فِيهِ الفاكِهةُ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ لَهُ القِنْعُ والقُنْع، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقِيلَ: القِناعُ جَمْعُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِن كَانَ لَيُهْدَى لَنَا القِناعُ فِيهِ كَعْبٌ مِنْ إِهالةٍ فنَفْرَحُ بِهِ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ وأجْرٍ زُغْبٍ يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: القِناعُ طَبَقُ الرُّطَبِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: القِنْعُ الطَّبَقُ الَّذِي تُؤْكَلُ فِيهِ الْفَاكِهَةُ وَغَيْرُهَا، وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ: القُنْع الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ، وَجَمْعُهُ أَقناعٌ مِثْلُ بُرْدٍ وأَبْرادٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَخَذَتْ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، غَشْيةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَتْ:
ومَنْ لَا يَزالُ الدَّمْعُ فِيهِ مُقَنَّعاً، ... فَلَا بُدَّ يَوْماً أَنَّه مُهَراقُ
فَسَّرُوا المُقَنَّعَ بأَنه المحبوسُ فِي جوْفِه، وَيَجُوزُ أَن يُرَادَ مَنْ كَانَ دَمْعُه مُغَطًّى فِي شُؤُونِه كامِناً فِيهَا فَلَا بُدَّ أَن يُبْرِزَهُ الْبُكَاءُ. والقُنْعةُ: الكُوَّةُ فِي الحائطِ. وقَنَعَتِ الإِبلُ والغنمُ، بِالْفَتْحِ: رجعَتْ إِلى مَرْعاها ومالتْ إِليه وأَقبلت نَحْوَ أَهلها وأَقْنَعَتْ لِمَأْواها، وأَقْنَعْتُها أَنا فِيهِمَا، وَفِي الصِّحَاحِ: وَقَدْ قَنِعَتْ هِيَ إِذا مالتْ لَهُ. وقَنَعَتْ، بِالْفَتْحِ: مَالَتْ لِمأْواها. وقَنَعةُ السنامِ: أَعْلاه، لُغَةٌ فِي قَمَعَتِه. الأَصمعي: المُقْنَعُ الفَمُ الَّذِي يَكُونُ عطْفُ أَسنانِه إِلى دَاخِلِ الْفَمِ وَذَلِكَ القَويّ الَّذِي يُقْطَعُ لَهُ كلُّ شَيْءٍ، فإِذا كَانَ انصِبابُها إِلى خَارِجٍ فهو أَرْفَقُ، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وفَمٌ مُقْنَعٌ مِنْ ذَلِكَ؛