وَقِيلَ فِي جَنْبِهَا. والكُسْعةُ: الحُمُرُ السائمةُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَيْسَ فِي الكُسْعةِ صَدَقةٌ
، وَقِيلَ: هِيَ الْحُمُرُ كُلُّهَا. قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتِ الْحُمُرُ كُسْعةً لأَنها تُكْسَعُ فِي أَدْبارِها إِذا سِيقَتْ وَعَلَيْهَا أَحْمالُها. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: والكُسْعةُ تَقَعُ عَلَى الإِبل العَوامِل والبقَر الحَوامِلِ والحَمِيرِ والرَّقِيقِ، وإِنما كُسْعَتُها أَنها تُكْسَعُ بِالْعَصَا إِذا سيقَت، وَالْحَمِيرُ لَيْسَتْ أَولى بالكُسعةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْحُمُرُ وَالْعَبِيدُ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكُسْعة الرَّقِيقُ، سُمِّيَ كسْعة لأَنك تَكْسَعُه إِلى حَاجَتِكَ، قَالَ: والنّخَّةُ الْحَمِيرُ، والجَبْهةُ الْخَيْلُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: كَسَعَ فُلَانٌ فُلَانًا وكَسَحَه وثَفَنَه ولَظَّه ولاظَه يَلُظُّه ويَلُوظُه ويَلأَظُه إِذا طَرَدَه. والكُسْعةُ: وثَنٌ كَانَ يُعْبَدُ، وتَكَسَّعَ فِي ضَلَالِهِ ذهَب كَتَسَكَّعَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والكُسَعُ: حَيٌّ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَقِيلَ: هُمْ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ رُماةٌ، وَمِنْهُمُ الكُسَعِيُّ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ المثلُ فِي النَّدامةِ، وَهُوَ رَجُلٌ رامٍ رَمى بعد ما أَسْدَفَ الليلُ عَيْراً فأَصابَه وَظَنَّ أَنه أَخْطأَه فَكَسَرَ قَوْسَه، وَقِيلَ: وَقَطَعَ إِصْبَعَه ثُمَّ نَدِمَ مِنَ الغَدِ حِينَ نَظَرَ إِلى العَيْر مَقْتُولًا وسَهْمُه فِيهِ، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ نَادِمٍ عَلَى فِعْل يَفْعَلُه؛ وإِياه عَنى الفرزدقُ بِقَوْلِهِ:
نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعِيِّ، لَمَّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقةً نَوارُ
وَقَالَ الْآخَرُ:
نَدِمْتُ نَدامةَ الكُسَعيّ، لَمَّا ... رأَتْ عَيْنَاهُ مَا فَعَلَتْ يَداهُ
وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهُ مُحارِبَ بْنَ قَيْسٍ مِنْ بَنِي كُسَيْعةَ أَو بَنِي الكُسَعِ بَطْنٍ مِنْ حِمْيَرَ؛ وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ
الْكُسَعِيِّ أَنه كَانَ يَرْعَى إِبلًا لَهُ فِي وادٍ فِيهِ حَمْضٌ وشَوْحَطٌ، فإِمّا رَبَّى نَبْعةً حَتَّى اتَّخَذَ مِنْهَا قَوْسًا، وإِما رأَى قَضِيبَ شَوْحَطٍ نَابِتًا فِي صَخْرَةٍ فأَعْجَبَه فجعلَ يُقوِّمُه حَتَّى بَلَغَ أَن يَكُونَ قَوْساً فَقَطَعَهُ وَقَالَ:
يَا رَبِّ سَدِّدْني لنَحْتِ قَوْسي، ... فإِنَّها مِنْ لَذَّتي لنَفْسي،
وانْفَعْ بقَوْسي ولَدِي وعِرْسي؛ ... أَنْحَتُ صَفْراءَ كَلَوْنِ الوَرْسِ،
كَبْداءَ ليسَتْ كالقِسِيِّ النُّكْسِ
حَتَّى إِذا فَرَغَ مِنْ نَحْتِهَا بَرى مِنْ بَقِيَّتها خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ثُمَّ قَالَ:
هُنَّ ورَبِّي أَسْهُمٌ حِسانُ ... يَلَذُّ للرَّمْي بِهَا البَنانُ،
كأَنَّما قَوَّمَها مِيزانُ ... فأَبْشِرُوا بالخِصْبِ يَا صِبْيانُ
إِنْ لمْ يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرْمانُ
ثُمَّ خَرَجَ لَيْلًا إِلى قُتْرة لَهُ عَلَى مَوارِدِ حُمُرِ الوحْش فَرَمى عَيْراً مِنْهَا فأَنْفَذَه، وأَوْرى السهمُ فِي الصوَّانة نَارًا فَظَنَّ أَنه أَخطأَ فَقَالَ:
أَعوذُ بالمُهَيْمِنِ الرحْمنِ ... مِنْ نَكَدِ الجَدِّ مع الحِرْمانِ،
ما لي رَأَيتُ السَّهْمَ فِي الصَّوّانِ ... يُورِي شَرارَ النارِ كالعِقْيانِ،
أَخْلَفَ ظَنِّي ورَجا الصِّبْيانِ
ثُمَّ وَرَدَتِ الْحُمُرُ ثَانِيَةً فَرَمَى عَيْرًا مِنْهَا فَكَانَ كَالَّذِي