للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَشَى. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن اللَّهَ واضِعٌ يَدَهُ لِمُسيء الليلِ لِيَتُوبَ بالنهارِ ولمُسِيء النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ

؛ أَراد بالوَضْعِ هاهنا البَسْطَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى:

إِن اللَّهَ باسِطٌ يَدَهُ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ

، وَهُوَ مَجَازٌ فِي الْبَسْطِ وَالْيَدِ كَوَضْعِ أَجنحة الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: أَراد بِالْوَضْعِ الإِمْهالَ وتَرْكَ المُعاجَلةِ بالعُقوبة. يُقَالُ: [وضَعَ يَدَهُ عَنْ فُلَانٍ] إِذا كَفَّ عَنْهُ، وَتَكُونُ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَي يَضَعُها عَنْهُ، أَو لَامُ الأَجل أَي يَكُفُّهَا لأَجله، وَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ أَنه يَتَقاضَى الْمُذْنِبِينَ بِالتَّوْبَةِ ليَقْبَلَها مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه وضَعَ يدَه فِي كُشْيةِ ضَبٍّ، وَقَالَ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُحَرِّمه

؛ وضعُ الْيَدِ كِنَايَةٌ عَنِ الأَخذ فِي أَكله. والمُوَضِّعُ: الَّذِي تَزِلُّ رِجْلهُ ويُفْرَشُ وظِيفُه ثُمَّ يَتْبَعُ ذَلِكَ مَا فَوْقَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بِذَلِكَ الْفَرَسَ، وَقَالَ: هُوَ عَيْبٌ. واتَّضَعَ بعيرَه: أَخذ برأْسه وخَفَّضَه إِذا كَانَ قَائِمًا لِيَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَيَرْكَبُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

أَعانَكَ اللهُ فَخَفَّ أَثْقَلُهْ ... عليكَ مأْجُوراً، وأَنْتَ جَمَلُهْ،

قُمْتَ بِهِ لم يَتَّضِحْكَ أَجْلَلُهْ

وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

أَصْبَحْتَ فَرْعا قِدَادَ نَابَكَ اتَّضَعَتْ ... زيْدٌ مراكِبَها فِي المَجْدِ، إِذ رَكِبوا «١»

فَجَعَلَ اتَّضَعَ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ يَكُونُ لَازِمًا، يُقَالُ: وضَعْتُه فاتَّضَعَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:

إِذا مَا اتَّضَعْنَا كارِهِينَ لبَيْعةٍ، ... أَناخُوا لأُخْرَى، والأَزِمّةُ تُجْذَبُ

ووَضَّعَتِ النَّعامةُ بَيْضَها إِذا رَثَدَتْه ووضَعَتْ بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ، وَهُوَ بيضٌ مُوَضَّعٌ منضُودٌ. وأَما الَّذِي فِي حديثِ

فاطمةَ بِنْتِ قيسٍ: لَا يَضَع عَصاه عَنْ عاتِقِه

أَي أَنه ضَرّاب لِلنِّسَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ كنايةٌ عَنِ كَثْرَةِ أَسْفارِه لأَنّ الْمُسَافِرَ يَحْمِلُ عَصاه فِي سفَرِه. والوُضْعُ والتُّضْعُ عَلَى الْبَدَلِ، كِلَاهُمَا: الحَمْل عَلَى حيْضٍ، وَكَذَلِكَ التُّضُعُ، وَقِيلَ: هُوَ الحَمْلُ فِي مُقْتَبَلِ الحَيْضِ؛ قَالَ:

تقولُ، والجُرْدانُ فِيهَا مُكْتَنِعْ: ... أَمَا تَخافُ حَبَلًا عَلَى تُضُعْ؟

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الوُضْعُ الحمْل قَبْلَ الْحَيْضِ، والتُّضْعُ فِي آخِرِهِ،

قَالَتْ أُم تَأبَّطَ شَرًّا: والله مَا حمَلْتُه وُضْعاً، وَلَا وَضَعْتُه يَتْناً، وَلَا أَرْضَعْتُه غَيْلًا، وَلَا أَبَتُّه تَئِقاً

، وَيُقَالُ: مَئِقاً، وَهُوَ أَجود الْكَلَامِ، فالوُضْعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، واليَتْنُ أَن تَخْرُجَ رَجُلَاهُ قَبْلَ رأْسه، والتّئِقُ الغَضْبانُ، والمَئِقُ مِنَ المأَقة فِي الْبُكَاءِ، وَزَادَ ابْنِ الأَعرابي فِي

قَوْلِ أُم تأَبط شَرًّا: وَلَا سَقَيْتُه هُدَبِداً، وَلَا أَنَمْتُه ثَئِداً، وَلَا أَطْعَمْتُه قَبْلَ رِئةٍ كَبِداً

؛ الهُدَبِدُ: اللَّبَنُ الثَّخِينُ المُتَكَبِّدُ، وَهُوَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وثَئِداً أَي عَلَى موضِعٍ نَكِدٍ، والكَبِدُ ثَقِيلَةٌ فانْتَفَتْ مِنْ إِطْعامِها إِيَّاه كَبِداً. ووضَعَتِ الحامِلُ الوَلَدَ تَضَعُه وَضْعاً، بِالْفَتْحِ، وتُضْعاً، وَهِيَ واضِعٌ: ولدَتْه. ووضَعَت وُضْعاً، بِالضَّمِّ: حَمَلَتْ فِي آخِر طُهْرِها فِي مُقْبَلِ الحَيْضةِ. ووضَعَتِ المرأةُ خِمارَها، وَهِيَ واضِعٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: خَلَعَتْه. وامرأَةٌ واضِعٌ أَي لَا خِمَارَ عَلَيْهَا. والضَّعةُ: شَجَرٌ مِنَ الحَمْضِ، هَذَا إِذا جَعَلْتَ الهاء


(١). هكذا ورد هذا البيت في الأَصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>