أَعْرَف؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه عَلَى تَوَهُّمِ عَرُفَ لأَن الشَّيْءَ إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف لَا عَارِف، وَصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض، فتعَجَّب مِنَ الْمَفْعُولِ كَمَا يُتعجّب مِنَ الْفَاعِلِ حَتَّى قَالَ: مَا أَبْغضَني لَهُ، فَعَلَى هَذَا يصْلُح أَن يَكُونَ أَعْرَف هُنَا مُفاضلة وتعَجُّباً مِنَ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ الْمَعْرُوفُ. والتعريفُ: الإِعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إِنْشَادُ الضَّالَّةِ. وعَرَّفَ الضالَّة: نَشَدها. واعْتَرَفَ القومَ: سأَلهم، وَقِيلَ: سأَلهم عَنْ خَبر لِيَعْرِفَهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عَنْ أَبيها، ... خِلالَ الجَيْش، تَعْتَرِفُ الرِّكابا؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويأْتي تَعَرَّفَ بِمَعْنَى اعْتَرَفَ؛ قَالَ طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفُونِي أَنَّني أَنا ذاكُمُ، ... شاكٍ سِلاحي، فِي الفوارِس، مُعْلَمُ
وَرُبَّمَا وَضَعُوا اعتَرَفَ مَوْضِعَ عَرَفَ كَمَا وَضَعُوا عَرَفَ مَوْضِعَ اعْتَرَفَ، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ السَّحَابَ وَقَدْ تقدَّم فِي أَوَّل التَّرْجَمَةِ أَي لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتَعَرَّفْت مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي تَطلَّبْت حَتَّى عَرَفت. وَتَقُولُ: ائْتِ فُلَانًا فاسْتَعْرِفْ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَكَ. وَقَدْ تَعَارَفَ القومُ أَي عَرَفَ بعضهُم بَعْضًا. وأَما الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ اللُّقَطةِ:
فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْتَرِفُها فَمَعْنَاهُ معرفتُه إِيَّاهَا بِصِفَتِهَا وَإِنْ لَمْ يرَها فِي يَدِكَ.
يُقَالُ: عرَّف فُلَانٌ الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ مَنْ يَعْرِفها فَجَاءَ رَجُلٌ يَعْتَرِفُها أَي يَصِفُهَا بِصِفَةٍ يُعْلِم أَنه صَاحِبُهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ تَعْرِفُون ربَّكم؟ فَيَقُولُونَ: إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاه
أَي إِذَا وصَف نَفْسَهُ بِصِفَةٍ نُحَقِّقُه بِهَا عَرَفْنَاهُ. واسْتَعْرَفَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ لَهُ ليَعْرِفَه. وتَعَرَّفَه المكانَ وَفِيهِ: تأَمَّله بِهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَقَالُوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى، ... وَمَا كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عَارِفُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ
،
وَقُرِئَ: عَرَفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ عَرَّفَ بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاهُ أَنه عَرَّفَ حَفْصةَ بعْضَ الْحَدِيثِ وترَك بَعْضًا، قَالَ: وكأَنَّ مَنْ قرأَ بِالتَّخْفِيفِ أَراد غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَجَازَى عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُسيء إليك: والله لأَعْرِفَنَّ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وَقَالَ الفرَّاء: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بِذَلِكَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ الأَزهري:
وقرأَ الْكِسَائِيُّ والأَعمش عَنْ أَبي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَرَفَ بعضَه
، خَفِيفَةً،
وقرأَ حَمْزَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ اليَحْصُبي عَرَّفَ بَعْضَهُ
، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَوْف بْنِ مَالِكٍ: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي لأُجازِينَّك بِهَا حَتَّى تَعرِف سُوءَ صَنِيعِكَ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ. وَيُقَالُ للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لِمَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بعلْمِه. والعَرَّافُ: الْكَاهِنُ؛ قَالَ عُرْوة بْنُ حِزام:
فَقُلْتُ لعَرَّافِ اليَمامة: داوِني، ... فإنَّكَ، إِنْ أَبرأْتَني، لَطبِيبُ