للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَهل غُنَيْمةٍ بِشِقٍّ [بِشَقٍ]

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ وَهَذَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَالْكَسْرُ مِنَ المَشَقّةِ؛ وَيُقَالُ: هُمْ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ إِذَا كَانُوا فِي جَهْدٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ

، وأَصله مِنَ الشِّقِّ نِصْف الشَّيْءِ كأَنه قَدْ ذَهَبَ بِنِصْفِ أَنْفُسِكم حَتَّى بَلَغْتُموه، وَأَمَّا الْفَتْحُ فَمِنَ الشَّقِّ الفَصْلِ فِي الشَّيْءِ كأَنها أَرادت أَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ حَرِجٍ ضَيّقٍ كالشَّقِّ فِي الْجَبَلِ، وَمِنَ الأَول:

اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ

أَيْ نصفِ تَمْرَةٍ؛ يُرِيدُ أَن لَا تَسْتَقلّوا مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا. والمُشاقَّةُ وَالشِّقَاقُ: غَلَبَةُ العداوةِ وَالْخِلَافِ، شاقَّهُ مُشاقَّةً وشِقاقاً: خالَفَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ

؛ الشِّقاقُ: العدواةُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ والخلافُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، سُمِّيَ ذَلِكَ شِقاقاً لأَن كُلَّ فَرِيقٍ مِنْ فِرْقَتَي العدواة قَصَدَ شِقًّا أَي نَاحِيَةً غَيْرَ شِقِّ صَاحِبِهِ. وشَقَّ امْرَه يَشُقُّه شَقًّا فانْشَقَّ: انْفَرَقَ وَتَبَدَّدَ اخْتِلَافًا. وشَقَّ فلانٌ الْعَصَا أَيْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وشَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ فانْشَقَّت وَهُوَ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: شَقَّ الخوارجُ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، فَمَعْنَاهُ أَنهم فرَّقوا جَمْعَهم وكلمتَهم، وَهُوَ مِنَ الشَّقِّ الَّذِي هُوَ الصَّدْع. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخارجيُّ يَشُقُّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ ويُشاقُّهم خِلَافًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ شَقَّهم الْعَصَا والمُشاقَّةَ وَاحِدًا، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَفْسِيرِهِمَا آنِفًا. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ انْشَقَّت عَصَاهُمَا بَعْدَ الْتِئامِها إِذا تَفَرَّق أَمْرُهم وانْشَقَّت الْعَصَا بالبَيْنِ وتَشَقَّقت؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْحٍ:

وناحَ غُرابُ البَيْنِ وانْشَقَّت الْعَصَا ... بِبَيْنٍ، كَمَا شَقَّ الأَدِيمَ الصَّوانِعُ

وانْشَقَّت الْعَصَا أَي تَفَرَّقَ الأَمرُ. وشَقَّ عليَّ الأَمرُ يَشقُّ شَقًّا ومَشقّة أَي ثَقُل عَلَيَّ، وَالِاسْمُ الشِّقُّ، بِالْكَسْرِ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ

قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا أَن أَشُقَّ عَلَى أُمّتي لأَمَرْتُهم بالسِّواك عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ

؛ الْمَعْنَى لَوْلَا أَن أُثَقِّلَ عَلَى أُمتي مِنَ المَشَقّة وَهِيَ الشِّدَّةُ. والشِّقُّ: الشقيقُ الأَخُ. ابْنُ سِيدَهْ: شِقُّ الرجلِ وشَقِيقُه أَخُوهُ، وَجَمْعُ الشَّقِيقِ أَشِقَّاءُ. يُقَالُ: هُوَ أَخي وشِقِّ نَفْسِي، وَفِيهِ: النساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ أَي نظائرُهم وَأَمْثَالُهُمْ فِي الأَخْلاقِ والطِّباع كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ ولأَن حَوّاء خلقتْ مِنْ آدَمَ. وشَقِيقُ الرَّجُلِ: أَخوه لأُمّه وأَبيه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنتم إخوانُنا وأَشِقَّاؤنا.

والشَّقِيقةُ: دَاءٌ يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: صُداع يأْخذ فِي نِصْفِ الرأْس وَالْوَجْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

احْتَجَم وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ شَقِيقةٍ

؛ هُوَ نَوْعٌ مِنْ صُداعٍ يَعْرِض فِي مُقَدَّمِ الرأْس وَإِلَى أَحد جَانِبَيْهِ. والشِّقُّ والمَشَقَّةُ: الْجَهْدُ وَالْعَنَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ

؛ وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى كَسْرِ الشِّينِ مَعْنَاهُ إِلَّا بِجَهْدِ الأَنفس، وَكَأَنَّهُ اسْمٌ وكأَن الشَّقَّ فِعْلٌ، وَقَرَأَ أَبو جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ:

إِلَّا بشَقّ الأَنفُس

، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ مِلْقَطٍ وَزَعَمَ أَنه فِي نَوَادِرِ أَبي زَيْدٍ:

والخَيْل قَدْ تَجْشَمُ أَرْبابُها الشقَّ، ... وَقَدْ تَعْتَسِفُ الرَّاوِيهْ

قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَذْهَبَ فِي قَوْلِهِ إِلَى أَن الْجَهْدَ يَنْقُص مِنْ قُوَّةِ الرَّجُلِ وَنَفْسِهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ قَدْ ذَهَبَ بِالنِّصْفِ مِنْ قُوَّتِهِ، فَيَكُونُ الْكَسْرُ عَلَى أَنه كَالنِّصْفِ. والشِّقُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>