للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الدِّيَةِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كالخَدْش وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أشْناقٌ. والشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ: مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. والشَّنَقُ أَيضاً: مَا دُونَ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ أَن يَسُوقَ ذُو الحَمالةِ مِائَةً مِنَ الإِبل وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهَا دِيَاتُ جِرَاحَاتٍ لَا تَبْلُغُ الدِّيَةَ فَتِلْكَ هِيَ الأَشْناقُ كأَنها مُتَعَلِّقَةٌ بِالدِّيَةِ الْعُظْمَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

بأَشْناقِ الدِّياتِ إِلَى الكُمول

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشِّناقُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ أَشْناقُ الدِّيَاتِ، ورَدّ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَمْ أَر أَشْناقَ الدياتِ مِنْ أَشناقِ الْفَرَائِضِ فِي شَيْءٍ لأَنّ الدِّيَاتِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى حَدٍّ مِنْ عَدَدِهَا أَوْ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِهَا. وأَشْناقُ الدِّيَاتِ: اخْتِلَافُ أَجناسها نَحْوُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ، كلُّ جِنْسٍ مِنْهَا شَنَقٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ لأَن الأَشْناقَ فِي الدِّيَاتِ بِمَنْزِلَةِ الأَشناقِ فِي الصَّدَقَاتِ، إِذَا كَانَ الشَّنَقُ فِي الصَّدَقَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَرِيضَةِ مِنَ الإِبل. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي والأَصمعي والأَثرم: كَانَ السَّيِّدُ إِذَا أَعطى الدِّيَةَ زَادَ عَلَيْهَا خَمْسًا مِنَ الإِبل لِيُبَيِّنَ بِذَلِكَ فَضْلَهُ وَكَرَمَهُ، فالشَّنَقُ مِنَ الدِّيَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّنَقِ فِي الْفَرِيضَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا لَغْوًا، كَمَا أَنَّهُ فِي الدِّيَةِ لَغْوٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِنَّمَا تَكرُّمٌ مِنَ الْمُعْطِي. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الشَّنَقُ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبل شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَربع شِيَاهٍ، فَالشَّاةُ شَنَقٌ وَالشَّاتَانِ شَنَقٌ وَالثَّلَاثُ شِيَاهٍ شَنَقٌ والأَربع شِيَاهٍ شَنَقٌ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ فَرِيضَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ

أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَن الشَّنَقَ مَا دُونَ الْفَرِيضَةِ مُطْلَقًا كَمَا دُونَ الأَربعين مِنَ الْغَنَمِ.

وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِوَائِلِ بْنِ حُجْر: لَا خِلاطَ وَلَا وِراطَ وَلَا شِناقَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ

لا شِناقَ

فَإِنَّ الشَّنَقَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَهُوَ مَا زَادَ مِنَ الإِبل عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْعَشْرِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ؛ يَقُولُ: لَا يُؤْخَذُ مِنَ الشَّنَقِ حَتَّى يَتِمَّ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الأَشْناقِ؛ وَقَالَ الأَخطل يَمْدَحُ رَجُلًا:

قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الديات بِهِ، ... إِذَا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوْقَه حَملا

وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:

قَرْم تُعَلَّقُ أَشْناقُ الدِّيات بِهِ

يَقُولُ: يَحْتَمِلُ الدِّيَاتِ وَافِيَةً كَامِلَةً زَائِدَةً. وَقَالَ غيرُ ابْنِ الأَعرابي فِي ذَلِكَ: إِنَّ أَشْناقَ الدِّيَاتِ أَصنافُها، فدِيَةُ الخطإِ الْمَحْضِ مائةٌ مِنَ الإِبل تَحْمِلُهَا العاقلةُ أَخْماساً: عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعةً، وَهِيَ أَشْناقٌ أَيضاً كَمَا وصَفْنا، وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِ الأَخطل يَمْدَحُ رَئِيسًا يَتَحَمَّلُ الدِّيَاتِ وَمَا دُونَ الدِّيَاتِ فيُؤَدِّيها ليُصْلِحَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ ويَحْقُنَ الدِّماء؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ الأَخطل: ضَخْمٍ تعلَّق، بِالْخَفْضِ عَلَى النَّعْتِ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ:

وفارسٍ غَيْرُ وَقَّافٍ برايتهِ، ... يومَ الكرَيهة، حَتَّى يَعْمَل الأَسَلا

والأَشْناقُ: جَمْعُ شَنَق وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن يَزِيدَ مُعْطي الحَمالةِ عَلَى الْمِائَةِ خَمْساً أَوْ نَحْوَهَا ليُعْلَم بِهِ وَفَاؤُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي بَيْتِ الأَخطل، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَن يُرِيدَ بالأَشْناق الأُرُوشَ كلَّها عَلَى مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>