للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ عَتَق الأَجْدعُ بَعْدَ رِقِّ، ... بقارحٍ أَو زَوْلَةٍ مُعِقِ

وأَنشد أَيضاً فِي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق وَجَمْعُهَا عُقُق:

سِرًّا وَقَدْ أَوَّنَّ تَأْوِينَ العُقُقْ «٣»

أَوَّنَّ: شَرِبْنَ حَتَّى انْتَفَخَتْ بُطُونُهُنَّ فَصَارَ كُلُّ حِمَارٍ مِنْهُنَّ كالأَتان العَقُوق، وَهِيَ الَّتِي تَكَامَلَ حَمْلُهَا وَقَرُبَ وِلَادُهَا، وَيُرْوَى أَوَّنَّ عَلَى وَزْنِ فَعَّلْنَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْجَمَاعَةَ مِنَ الْحَمِيرِ، ويروى أَوَّنَ على وزن فَعَّل، يُرِيدُ الْوَاحِدَ مِنْهَا. والعَقاقُ، بِالْفَتْحِ: الحَمْل، وَكَذَلِكَ العَقَقُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

وتَرَكْت العَيْر يَدْمَى نَحْرُه، ... ونَحُوصاً سَمْحجاً فِيهَا عَقَقْ

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَظهرت الأَتانُ عَقاقاً، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، إِذا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وَيُقَالُ لِلْجَنِينِ عَقاق؛ وَقَالَ:

جَوانِحُ يَمْزَعْنَ مَزْعَ الظِّباء، ... لَمْ يَتَّرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا

أَي جَنِيناً؛ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: العَقاق، بِهَذَا الْمَعْنَى فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ، وأَما الأَصمعي فإِنه يَقُولُ: الْعُقَاقُ مَصْدَرُ العَقُوقِ، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: عَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وأَعَقّتْ فَهِيَ مُعِقّ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ أَعَقَّتْ فَهِيَ عَقُوق. وعَقَّ عَنِ ابْنِهِ يَعِقُّ ويَعُقُّ: حَلَقَ عَقِيقَتهُ أَو ذَبَحَ عَنْهُ شَاةً، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَوْمُ أُسبوعه، فقيَّده بِالسَّابِعِ، وَاسْمُ تِلْكَ الشَّاةِ العَقيقة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فِي العَقِيقَةِ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ

؛ وَفِيهِ:

إِنه عَقَّ عَنِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا

، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه قَالَ:

مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُه فأَهَريقُوا عَنْهُ دَمًا وأَميطوا عَنْهُ الأَذى.

وَفِي الْحَدِيثِ:

الْغُلَامُ مُرْتَهِنٌ بعَقِيقته

؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن أَباه يُحْرَم شفاعةَ وَلَدِهِ إِذا لَمْ يعُقَّ عَنْهُ، وأَصل العَقِيقةِ الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وإِنما سُمِّيَتْ تِلْكَ الشاةُ الَّتِي تُذْبَحُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَقِيقةً لأَنه يُحْلق عَنْهُ ذَلِكَ الشَّعْرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ:

أَميطوا عَنْهُ الأَذى،

يَعْنِي بالأَذى ذَلِكَ الشَّعْرَ الَّذِي يُحْلَقُ عَنْهُ، وَهَذَا مِنَ الأَشياء الَّتِي رُبَّمَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ غَيْرِهَا إِذا كَانَتْ مَعَهَا أَو مِنْ سَبَبِهَا، فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لَعَقِيقَةِ الشَّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه سُئِلَ عَنِ العَقِيقةِ فَقَالَ: لَا أُحب العُقُوق

، لَيْسَ فِيهِ تَوْهِينٌ لأَمر العَقِيقَةِ وَلَا إِسقاط لَهَا، وإِنما كَرِهَ الِاسْمَ وأَحب أَن تُسَمَّى بأَحسن مِنْهُ كَالنَّسِيكَةِ وَالذَّبِيحَةِ، جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ. والعَقِيقَةُ: صُوفُ الجَذَع، والجَنيبَة: صُوفُ الثَّنِيِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَهَائِمِ فإِن الشَّعْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ حِينَ يُولَدُ عَقِيقَة وعَقِيقٌ وعِقَّةٌ، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد لِابْنِ الرِّقاع يَصِفُ الْعَيْرَ:

تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهُ فأَنْسَلَها، ... واجْتابَ أُخْرَى جَدِيدًا بعد ما ابْتَقَلا

مُوَلَّع بسوادٍ فِي أَسافِلِهِ، ... مِنْهُ احْتَذَى، وبِلَوْنٍ مِثلِهِ اكْتَحَلَا

فَجَعَلَ العَقِيقةَ الشَّعْرَ لَا الشَّاةَ، يَقُولُ: لَمَّا تَرَبَّع وأَكل بُقول الرَّبِيعِ أَنْسَلَ الشَّعْرَ الْمَوْلُودَ معه وأَنبت


(٣). قوله [سراً إلخ] صدره كما في الصحاح:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفلق

<<  <  ج: ص:  >  >>