الْآخَرَ، فَاجْتَابَهُ أَي اكْتَسَاهُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّعْرِ عَقِيقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَطارَ عَقِيقَهُ عَنْهُ نُسَالًا، ... وأُدْمِجَ دَمْج ذِي شَطَنٍ بدِيعِ
أَراد شَعْرَهُ الَّذِي يُوَلَّدُ عَلَيْهِ أَنه أَنْسَله عَنْهُ. قَالَ: والعَقُّ فِي الأَصل الشَّقُّ وَالْقَطْعُ، وَسُمِّيَتِ الشَّعْرَةُ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَوْلُودُ مِنْ بَطْنِ أُمه وَهِيَ عَلَيْهِ عَقِيقةً، لأِنها إِن كَانَتْ عَلَى رأْس الإِنسي حُلِقَتْ فَقُطِعَتْ، وإِن كَانَتْ عَلَى الْبَهِيمَةِ فإِنها تُنْسِلُها، وَقِيلَ لِلذَّبِيحَةِ عَقِيقةٌ لأَنَّها تُذبَح فيُشقّ حلقومُها ومَريثُها وودَجاها قَطْعًا كَمَا سُمِّيَتْ ذَبِيحَةً بِالذَّبْحِ، وَهُوَ الشِّقُّ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا نشأَ مَعَ حَيٍّ حَتَّى شَبَّ وَقَوِيَ فِيهِمْ: عُقَّتْ تميمتُه فِي بَنِي فُلَانٍ، والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ مَا دَامَ طِفْلًا تُعَلِّقُ أُمه عَلَيْهِ التَّمَائِمَ، وَهِيَ الْخَرَزُ، تُعَوِّذه مِنَ الْعَيْنِ، فإِذا كَبِرَ قُطعت عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بلادٌ بِهَا عَقَّ الشّبابُ تَمِيمَتي، ... وأَوّلُ أَرضٍ مَسَّ جِلْدي تُرابُها
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عَقِيقةُ الصَّبِيِّ غُرْلَتُه إِذا خُتِن. والعَقُوق مِنَ الْبَهَائِمِ: الْحَامِلُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْحَافِرِ خَاصَّةً وَالْجَمْعُ عُقُقٌ وعِقاق، وَقَدْ أَعَقَّتْ، وَهِيَ مُعِقّ وعَقُوق، فمُعِقّ عَلَى الْقِيَاسِ وعَقوق عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ، وَلَا يُقَالُ مُعِقّ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ، وَهُوَ مِنَ النوادِر. وَفَرَسٌ عَقُوق إِذا انْعَقّ بطنُها وَاتَّسَعَ لِلْوَلَدِ؛ وَكُلُّ انْشِقَاقٍ هو انْعِقاقٌ؛ وكلُّ شِقٍّ وَخَرْقٍ فِي الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَقّ، وَمِنْهُ قِيلَ للبَرْقِ إِذا انْشَقَّ عَقِيقةٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي الأَضداد: زَعَمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَن الْفَرَسَ الْحَامِلَ يُقَالُ لَهَا عَقوق وَيُقَالُ أَيضاً لِلْحَائِلِ عَقوق؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه رَجُلٌ مَعَهُ فَرَسٌ عَقوق
أَي حَائِلٌ، قَالَ: وأَظن هَذَا عَلَى التَّفَاؤُلِ كأَنهم أَرادوا أَنها ستَحْمِلُ إِن شَاءَ اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَطْرَقَ مُسْلِمًا فعَقَّتْ لَهُ فرسُه كَانَ كأَجر كَذَا
؛ عَقَّتْ أَي حَمَلت. والإِعْقاقُ بَعْدَ الإِقْصاصِ، فالإِقْصاص فِي الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ أَوَّل ثُمَّ الإِعْقاقُ بَعْدَ ذَلِكَ. والعَقِيقةُ: المَزادة. والعَقِيقةُ: النَّهْرُ. والعَقِيقةُ: العِصابةُ ساعةَ تُشَقُّ من الثوب. والعَقِيقةُ: نَواقٌ رِخْوَةٌ كالعَجْوة تُؤْكَلُ. ونَوى العَقوقِ: نَوًى هَشّ لَيِّنٌ رِخْو المَمْضغة تأْكله الْعَجُوزُ أَو تَلوكه تُعْلَفُه النَّاقَةُ العَقوق إلْطافاً لَهَا، فَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَصْرَةِ وَلَا تَعْرِفُهُ الأَعراب فِي بَادِيَتِهَا. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَزُّ مِنْ الأَبْلِق العَقوقِ؛ يُضْرَبُ لِمَا لَا يَكُونُ، وَذَلِكَ أَن الأَبْلق مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، والعَقُوق الْحَامِلُ، وَالذَّكَرُ لَا يَكُونُ حَامِلًا، وإِذا طَلَبَ الإِنسان فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ قَالُوا: طَلَب الأَبْلَق العَقوق، فكأَنه طَلَبَ أَمراً لَا يَكُونُ أَبداً؛ وَيُقَالُ: إِن رَجُلًا سأَل مُعَاوِيَةَ أَن يُزَوِّجَهُ أمَّه هَنْدًا فَقَالَ: أَمْرُها إِليها وَقَدْ قَعَدَتْ عَنِ الْوَلَدِ وأَبَتْ أَن تَتَزَوَّجَ، فَقَالَ: فَوَلِّنِي مَكَانَ كَذَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مُتَمِثِّلًا:
طَلَبَ الأَبْلَقَ العَقوقَ، فلمَّا ... لَمْ يَنَلْهُ أَراد بَيْضَ الأَنُوقِ
والأَنوق: طَائِرٌ يَبِيضُ فِي قُنَنِ الْجِبَالِ فَبَيْضُهُ فِي حِرْزٍ إِلا أَنه مِمَّا لَا يُطْمَع فِيهِ، فَمَعْنَاهُ أَنه طَلب مَا لَا يَكُونُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ طَلَبَ مَا يَطْمَعُ فِي الْوُصُولِ إِليه، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَعِيدٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute