؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَتْبَعْتُهُمْ مُقْلةً إِنْسانُها غَرِقٌ، ... هَلْ مَا أَرى تاركٌ للعَينِ إِنْسانا؟ «٣»
. يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَرى مِنَ البَيْن وَالْبُكَاءِ غيرُ مُبْقٍ لِلْعَيْنِ إِنسانها، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ كأَنه أَراد إِلَّا مَنْ أَخلص الدُّعَاءَ لأَن مَنْ أَشفى عَلَى الْهَلَاكِ أَخلص فِي دُعَائِهِ طلبَ النجاةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الغَرَق والحَرَق
؛ الغَرَقُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ: الْمَصْدَرُ. وَفِي حَدِيثِ وَحْشِيٍّ:
أَنه مَاتَ غَرِقاً فِي الْخَمْرِ
أَي مُتَنَاهِيًا فِي شُرْبِهَا والإِكثار مِنْهُ، مُسْتَعَارٌ مِنَ الغَرَقِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَذَكَرَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ فِي زَاوِيَتِهِ: فَار التَّنُّور وَفِيهِ هَلَكَ يَغُوثُ ويَعُوقُ وَهُوَ الغارُوق
؛ هُوَ فَاعُولٌ مِنَ الغَرق لأَن الغَرَق فِي زَمَانِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: وغُرَقاً فِيهِ دُبَّاء
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْرُوفُ ومَرَقاً، والغُرَق المَرَق. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها
. والغرِقُ: الَّذِي غَلَبَهُ الدَّيْن. وَرَجُلٌ غَرِقٌ فِي الدَّين والبَلْوَى وغَرِيق وَقَدْ غَرِقَ فِيهِ، وَهُوَ مِثْلٌ بِذَلِكَ. والمُغْرَقُ: الَّذِي قَدْ أَغرقه قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ وَهُوَ هَارِبٌ عَجْلان. والتَّغْريق: الْقَتْلُ. والغَرَق فِي الأَصل: دُخُولُ الْمَاءِ فِي سَمَّيِ الأَنف حَتَّى تَمْتَلِئَ مَنافذُه فيَهلك، والشَّرَق فِي الْفَمِ حَتَّى يُغَص بِهِ لِكَثْرَتِهِ. يُقَالُ: غَرِقَ فِي الْمَاءِ وشَرِقَ إِذا غَمَرَهُ الْمَاءُ فملأَ مَنافذَه حَتَّى يَمُوتَ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ تَرْفُقْ بِالْوَلَدِ حَتَّى تَدْخُلَ السّابِياءُ أَنفه فَتَقْتُلَهُ، وغَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْمَوْلُودَ فِغَرِقَ: خَرُقت بِهِ فانْفَتَقَتِ السابياءُ فَانْسَدَّ أَنفه وَفَمُهُ وَعَيْنَاهُ فمات؛ قال الأَعشى يَعْنِي قيسَ بْنَ مَسْعُودٍ الشَّيْبَانِيَّ:
أَطَوْرَيْن فِي عامٍ غَزَاةً ورِحْلَةً، ... أَلا لَيْتَ قَيْساً غَرَّقَتْهُ القَوابِلُ
وَيُقَالُ: إِن الْقَابِلَةَ كَانَتْ تُغَرِّقُ الْمَوْلُودَ فِي مَاءِ السَّلَى عَامَ الْقَحْطِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، حَتَّى يَمُوتَ، ثُمَّ جُعِلَ كُلُّ قَتْلٍ تَغْريقاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْيَ بَكْرَةٍ ... بتَيْهاءَ، لَمْ تُصْبِحْ رَؤُوماً سَلُوبُها
الأَرْباض: الحِبال، والبَكْرة: النَّاقَةُ الفَتِيّة، وثِنْيُها: بَطْنُهَا الثَّانِي، وإِنما لَمْ تَعْطِفْ عَلَى وَلَدِهَا لِمَا لَحِقَهَا مِنَ التَّعَبِ. التَّهْذِيبُ: والعُشَراءُ مِنَ النُّوق إِذا شدَّ عَلَيْهَا الرَّحْلُ بِالْحِبَالِ رُبَّمَا غُرِّقَ الْجَنِينُ فِي مَاءِ السَّابِيَاءِ فَتُسْقِطُهُ، وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ. وأَغْرَقَ النبلَ وغَرَّقه: بَلَغَ بِهِ غَايَةَ الْمَدِّ فِي الْقَوْسِ. وأَغْرَقَ النَّازِعُ فِي القَوْس أَي اسْتَوْفَى مَدَّهَا. والاسْتِغْراقُ: الِاسْتِيعَابُ. وأَغْرَقَ فِي الشَّيْءِ: جَاوَزَ الْحَدَّ وأَصله مِنْ نَزْعِ السَّهْمِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: ذُكِرَ أَنها الْمَلَائِكَةُ وأَن النَّزْعَ نزعُ الأَنفس مِنْ صُدُورِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ قَوْلُكَ وَالنَّازِعَاتِ إِغْراقاً كَمَا يُغْرِقُ النازعُ فِي الْقَوْسِ؛ قَالَ الأَزهري: الغَرْقُ اسْمٌ أُقيم مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ أَغْرَقْتُ إِغْراقاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ نَزَع فِي قَوْسِهِ فأَغْرَقَ، قَالَ: والإِغْراقُ الطرح وهو أَن يُبَاعِدَ السَّهْمُ مِنْ شِدَّةِ النَّزْعِ يُقَالُ إِنه لطَرُوح. أُسيد الْغَنَوِيُّ: الإِغْراق فِي النَّزْع أَن يَنْزِعَ حَتَّى يُشْرِبَ بالرِّصاف وَيَنْتَهِيَ إِلى كَبِدِ القَوْس وَرُبَّمَا قَطَعَ يَدَ الرَّامِي، قَالَ: وشُرْبُ القوسِ الرِّصافَ أَن يأْتي
(٣). هذا البيت لجرير، ورواية ديوانه: هل ما ترى تارك؛ وفي رواية أخرى: هل يا ترى تارك