للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّزْعُ عَلَى الرِّصاف كُلِّهِ إِلى الْحَدِيدَةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للغُلُوِّ والإِفراط. واغْتَرَقَ الفرسُ الْخَيْلَ: خَالَطَهَا ثُمَّ سَبَقَهَا، وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الأَكوع: وأَنا عَلَى رِجْلي فأَغْتَرِقُها.

يُقَالُ: اغْتَرَقَ الْفَرَسُ الْخَيْلَ إِذا خَالَطَهَا ثُمَّ سَبَقَهَا، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. واغْتِراقُ النَّفَس: اسْتِيعَابُهُ فِي الزَّفِير؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْفَرَسُ إِذا خَالَطَ الْخَيْلَ ثُمَّ سَبَقَهَا يُقَالُ اغْتَرَقها؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:

يُغْرِقُ الثَّعلبَ، فِي شِرَّتِهِ، ... صَائِبُ الخَدْبة فِي غَيْرِ فَشَلْ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَدري بِمَ جَعَل قَوْلَهُ:

يُغْرِقُ الثعلبَ فِي شِرَّتِه

حُجَّةً لِقَوْلِهِ اغْتَرقَ الخيلَ إِذا سَبَقَهَا، وَمَعْنَى الإِغْراقِ غَيْرُ مَعْنَى الاغْتِرَاقِ، والاغْتِراقُ مِثْلَ الاسْتِغْراقِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا سَبَقَ الخيلَ قَدِ اغْتَرَقَ حَلْبة الْخَيْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:

يُغْرِقُ الثعلبَ فِي شِرَّتِه

قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه يَعْنِي الْفَرَسَ يَسْبِقُ الثَّعْلَبَ بحُضْرِه فِي شِرَّتِه أَي نَشَاطِهِ فيُخَلِّفه، وَالثَّانِي أَن الثَّعْلَبَ هَاهُنَا ثَعْلَبُ الرُّمْحِ فِي السِّنان، فأَراد أَنه يَطْعُن بِهِ حَتَّى يُغَيِّبَهُ فِي الْمَطْعُونِ لِشِدَّةِ حُضْره. وَيُقَالُ: فُلَانَةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ النَّاسِ أَي تَشْغَلُهم بِالنَّظَرِ إِليها عَنِ النَّظَرِ إِلى غَيْرِهَا بِحُسْنِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:

تَغْترقُ الطَّرْفَ، وَهِيَ لاهيةٌ، ... كأَنما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفُ

قَوْلُهُ تغْتَرق الطَّرْف يَعْنِي امرأَة تَغْتَرِقُ وتَسْتَغْرِقُ وَاحِدٌ أَي تستغرِق عُيون النَّاسِ بالنظَر إِليها، وَهِيَ لاهِية أَي غَافِلَةٌ، كأَنما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفٌ: مَعْنَاهُ أَنها رَقِيقة المَحاسن وكأَن دَمَهَا وَدَمَ وجهِها نُزِفَ، والمرأَة أَحسن مَا تَكُونُ غِبَّ نِفَاسِهَا لأَنه ذَهَبَ تهيُّج الدَّمِ فَصَارَتْ رَقِيقَةَ المَحاسن، والطَّرْف هَاهُنَا: النَّظَرُ لَا الْعَيْنُ؛ وَيُقَالُ: طَرَف يَطْرف طَرْفاً إِذا نَظَرَ، أَراد أَنها تَسْتَمِيلُ نظَر النُّظَّار إِليها بِحُسْنِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُحتَفِلة وَلَا عَامِدَةٍ لِذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا لَاهِيَةٌ، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ حسنُها. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا أَجْفَرَ جَنْباه وضخُم بَطْنُهُ فَاسْتَوْعَبَ الحِزام حَتَّى ضَاقَ عَنْهَا: قَدِ اغْتَرَقَ التَّصْدير والبِطَان وَاسْتَغْرَقَهُ. والمُغْرِق مِنَ الإِبل: الَّتِي تُلْقي ولدَها لتمامٍ أَو لِغَيْرِهِ فَلَا تُظْأَرُ وَلَا تُحْلَب وَلَيْسَتْ مَرِيّة وَلَا خَلِفة. واغْرَوْرَقَت عَيْنَاهُ بالدُّموع: امتلأَتا، زَادَ التَّهْذِيبُ: وَلَمْ تَفِيضا، وَقَالَ: كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احمرَّ وَجْهُهُ واغْرَوْرَقَت عَيْنَاهُ

أَي غَرِقتا بِالدُّمُوعِ، وَهُوَ افْعَوْعَلَت مِنَ الغَرَق. والغُرْقة، بِالضَّمِّ: الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ قدْر الْقَدَحِ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّرْبة مِنَ اللَّبَنِ، وَالْجَمْعُ غُرَق؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ الإِبل:

تُضْحِ، وَقَدْ ضَمِنَتْ ضَرَّاتها غُرَقاً، ... مِنْ ناصِع اللَّوْنِ، حُلْو الطَّعْم مَجْهود

وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَطَّاعِ: حُلْو غَيْرُ مَجْهُودِ، وَالرِّوَايَتَانِ تَصِحَّانِ، وَالْمَجْهُودُ: الْمُشْتَهَى مِنَ الطَّعَامِ، والمَجْهود مِنَ اللَّبَنُ: الَّذِي أُخرجَ زُبده، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: تُصْبِحْ وَقَدْ ضَمِنَتْ؛ وَقَبْلَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>