للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّيْلِ ظُلْمَتُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ

؛ قِيلَ: الغاسِقُ هَذَا اللَّيْلَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ الْقَمَرُ إِذَا دَخَلَ فِي ساهورِه، وَقِيلَ إِذَا خَسَفَ. ابْنُ قُتَيْبَةَ: الغاسِقُ الْقَمَرُ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُكْسَفُ فيَغْسِقُ أَيْ يَذْهَبُ ضوءُه وَيَسْوَدُّ ويُظلم. غَسَقَ يَغْسِقُ غُسوقاً إِذَا أَظلم. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَفِي الْحَدِيثِ

أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَخذ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَدَيَّ لَمَّا طَلَعَ الْقَمَرُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: هَذَا الغاسِقُ إذا وَقَبَ فتعوَّذي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ

أَيْ مِنْ شَرِّهِ إِذَا كُسِفَ. وَرُوِيَ عَنْ

أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ

، قَالَ: الثُّرَيّا

؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي بِهِ اللَّيْلَ، وَقِيلَ لِلَّيل غاسِقٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لأَنه أَبرد مِنَ النَّهَارِ. والغاسِق: الْبَارِدُ. غَيْرُهُ: غَسَقُ اللَّيْلِ حِينَ يُطَخْطِخُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: غَسَقُ اللَّيْلِ دُخُولُ أَوَّله؛ يُقَالُ: أَتيته حِينَ غَسَق اللَّيْلُ أَيْ حِينَ يَخْتَلِطُ وَيَعْتَكِرُ وَيَسُدُّ المَناظرَ، يغْسِقُ غَسْقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَجَاءَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد ما أَغْسَقَ

أَيْ دَخَلَ فِي الغَسَق وَهِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبِي بَكْرٍ: أَنه أَمر عَامِرَ بْنَ فُهَيْرة وَهُمَا فِي الْغَارِ أَن يُرَوِّح عَلَيْهِمَا غَنَمَهُ مُغْسِقاً.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: لَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَغْسِق الليل على الظِّراب

أي حَتَّى يَغْشَى اللَّيْلُ بِظُلْمَتِهِ الْجِبَالَ الصِّغَارَ. والغاسِقُ: اللَّيْلُ؛ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ أَقبل الغَسَقُ. وَرُوِيَ عَنِ

الْحَسَنِ أَنه قَالَ: الغاسِقُ أَول اللَّيْلِ.

والغَسَّاقُ: كالغاسِقِ وَكِلَاهُمَا صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:

هِجانٌ فَلا فِي الكَوْنِ شَامٌ يَشِينُهُ، ... وَلَا مَهَقٌ يَغْشى الغَسِيقاتِ مُغْرَبُ

قَالَ السُّكَّرِيُّ: الغَسِيقاتُ الشَّدِيدَاتُ الْحُمْرَةِ. والغَسَّاق: مَا يَغْسِقُ وَيَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ وَصَدِيدِهِمْ مِنْ قَيْحٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ

، وَقَدْ قرأَه أَبو عَمْرٍو بِالتَّخْفِيفِ، وقرأَه الْكِسَائِيُّ بِالتَّشْدِيدِ، ثَقَّلَهَا يَحْيَى بْنُ وَثَّاب وَعَامَّةُ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ، وَخَفَّفَهَا النَّاسُ بَعْدُ، وَاخْتَارَ أَبو حَاتِمٍ

غَساق

، بِتَخْفِيفِ السِّينِ، وقرأَ حَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَغَسَّاقٌ

مشدَّدة، وَمِثْلُهُ فِي عَمَّ يَتَساءَلُونَ، وقرأَ الْبَاقُونَ

وغَسَاقاً

، خَفِيفًا فِي السُّورَتَيْنِ، وَرُوِيَ عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنهما قرآ غَسَّاقٌ

، وبالتشديد، وفسَّراه الزَّمْهَرِير.

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ دَلْواً مِنْ غَساق يُهَراقُ فِي الدُّنْيَا لأَنْتَنَ أَهل الدُّنْيَا

؛ الغَساق، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ: مَا يَسِيلُ مِنْ صَدِيد أَهل النَّارِ وغُسالتهم، وَقِيلَ: مَا يَسِيلُ مِنْ دُمُوعِهِمْ، وَقِيلَ: الغَسَاق والغَسَّاق الْمُنْتِنُ الْبَارِدُ الشَّدِيدُ الْبَرْدِ الَّذِي يُحْرِقُ مِنْ بَرْدِهِ كَإِحْرَاقِ الْحَمِيمِ، وَقِيلَ: الْبَارِدُ فَقَطْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: رُفِعَت الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِهَذَا مقدَّماً وَمُؤَخَّرًا، وَالْمَعْنَى هَذَا حَميم وغَسَّاق فَلْيَذُوقُوهُ. الْفَرَّاءُ: الغَسَق مِنْ قُماشِ الطَّعام. وَيُقَالُ: فِي الطَّعام زَوَانٌ وزُوَانٌ وزُؤَانٌ، بِالْهَمْزِ، وَفِيهِ غَسَقٌ وغَفاً، مَقْصُورٌ، وكَعابِير ومُرَيْراء وقَصَلٌ كلُّه مِنْ قُماش الطَّعام.

غفق: الغَفْقُ: الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا والدِّرَّةِ، غَفَقَهُ يغْفِقُهُ غَفْقاً: ضَرَبَهُ، وَالْغَفْقَةُ: المَرَّة مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ: عَفَقَهُ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَرُوِيَ عَنْ

إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبيه قَالَ: مَرَّ بِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَا قَاعِدٌ فِي السُّوقِ وَهُوَ مَارٌّ لِحَاجَةٍ لَهُ مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>