للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا قَحَطَتْ والزَّاجِرِين المَغالِقَا

اللَّيْثُ: المِغْلَقُ السَّهْمُ السَّابِعُ فِي مُضَعَّفِ المَيْسِر، وَسُمِّيَ مِغْلَقاً لأَنه يَسْتَغْلِقُ مَا يَبْقَى مِنْ آخِرِ المَيسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ لبيد:

وجَزُور أَيْسارٍ دعوت لِحَتْفِهَا

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ بمَغالق، والمَغالقُ مِنْ نُعُوت قِداح المَيْسر الَّتِي يَكُونُ لَهَا الْفَوْزُ، وَلَيْسَتِ المَغالِقُ مِنْ أَسمائها، وَهِيَ الَّتِي تُغْلِقُ الخَطَر فَتُوجِبُهُ لِلْقَامِرِ الْفَائِزِ كَمَا يُغْلَقُ الرهنُ لِمُسْتَحَقِّهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ قَمِيئة:

بأَيديهمُ مَقْرُومةٌ ومَغالِق، ... يَعُودُ بأَرْزاقِ العيالِ مَنِيحُها

وَرَجُلٌ غَلِقٌ: سيء الْخُلُقِ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ احْتَدَّ فُلَانٌ فَغَلِقَ فِي حِدَّتِهِ أَيْ نَشِبَ؛ وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:

وَقَدْ جَعَلَ الرِّكُّ الضعيفُ يُسِيلُني ... إِليك، ويُشْريك القليلُ فتَغْلَقُ

قَالَ: الرِّكُّ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ؛ يَقُولُ: إِذَا أَتاك عَنِّي شَيْءٌ قَلِيلٌ غَضِبْتَ وأَنا كَذَلِكَ فَمَتَى نَتَّفق؟ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: أَنت تَئِق وأَنا مَئِق فَكَيْفَ نَتَّفِقُ؟ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ يُسِيلني إِليك أَي يُغضبني فَيُغْرِينِي بِكَ، ويُشْرِيكَ أَي يُغْضِبُكَ فتَغْلق أَي تَغْضَبُ وَتَحْتَدُّ عَلَيَّ. وَيُقَالُ: أُغْلِقَ فُلَانٌ فَغَلِقَ غَلَقاً إِذَا أُغضب فَغَضِبَ وَاحْتَدَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الغَلِقُ الْكَثِيرُ الْغَضَبِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شأْس:

فأَغْلَقُ مِنْ دونِ امْرِئٍ، إِنْ أَجَرْتُهُ، ... فَلَا تُبْتَغَى عوراتهُ غَلَقَ البَعْلِ

أَيْ أَغضب غَضَبًا شَدِيدًا. قَالَ: والغَلِقُ الضَّيِّقُ الخُلُق الْعَسِرُ الرِّضَا. وغَلِقَ فِي حِدَّته غَلَقاً: نَشِبَ، وَكَذَلِكَ الغَلِقُ فِي غَيْرِ الأَناسي. والغَلَقُ فِي الرَّهْنِ: ضِدُّ الْفَكِّ، فإِذا فَكَّ الراهنُ الرهنَ فَقَدْ أَطلقه مِنْ وِثاقه عِنْدَ مُرْتَهنه. وَقَدْ أَغْلَقْتُ الرَّهْنَ فَغَلِقَ أَيْ أَوْجَبْتُهُ فَوَجَبَ لِلْمُرْتَهِنِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وَرَجُلٌ ارْتَبَطَ فَرَسًا ليُغالِقَ عَلَيْهَا

أَيْ لِيُرَاهِنَ، وكأَنه كَرِهَ الرِّهان فِي الْخَيْلِ إِذْ كَانَ عَلَى رَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَغْلق غَلَقاً وغُلُوقاً، فَهُوَ غَلِقٌ، اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُفْتَكّ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوطِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يغْلَق الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ

؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَذْكُرُ امرأَة:

وفارَقَتْكَ برَهْنٍ لَا فكاكَ لَهُ، ... يَوْمَ الوَدَاع، فأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقا

يَعْنِي أَنَّهَا ارْتَهَنَتْ قَلْبَهُ وَرَهَنَتْ بِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

هَلْ مِنْ نَجازٍ لمَوْعودٍ بَخِلْت بِهِ؟ ... أَوْ للرَّهين الَّذِي اسْتَغْلَقْت مِنْ فَادِي؟

وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي لأَوس بْنِ حَجَرٍ:

عَلَيَّ العُمْرِ، واصطادَتْ فُؤَادًا كَأَنَّهُ ... أَبو غَلِقٍ، فِي لَيْلَتَيْنِ، مؤجَّل

وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَبو غَلِقٍ أَيْ صَاحِبُ رَهْنٍ غَلِقَ، أَجله لَيْلَتَانِ أَنْ يُفَكّ، وغَلِقَ أَيْ ذَهَبَ. وَيُقَالُ: غَلِقَ الرهنُّ يَغْلَقُ غُلُوقاً إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ تَخَلُّصٌ وَبَقِيَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَقْدِرُ رَاهِنُهُ عَلَى تَخْلِيصِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا لَمْ يَسْتَفِكَّه صاحبُه. وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّاهِنَ إِذَا لَمْ يُؤدِّ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مَلَكَ المرتهنُ الرَّهْنَ، فأَبطله الإِسلام. وَقَوْمٌ مَغَاليقُ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ عَلَى أَيديهم. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>