للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ

داحسٍ وَالْغَبْرَاءِ: إِنَّ قَيْسًا أَتَى حُذَيْفَةَ بْنَ بدرٍ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا غَدَا بِكَ؟ قَالَ: غَدَوْتُ لأَواضِعَك الرِّهانَ

؛ أَرَادَ بِالْمُوَاضَعَةِ إِبطال الرِّهان أَيْ أَضعه وتَضعه، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: بَلْ غدوتَ لتُغْلِقَهُ أَيْ لِتُوجِبَهُ وَتُؤَكِّدَهُ. وأَغْلَقْتُ الرَّهْنَ أَيْ أَوجبته فَغَلِقَ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ وَجَبَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: غَلِقَ الرهنُ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ غَلَقاً. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يغْلَقُ الرَّهْنُ

أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا لَمْ يَرُدَّ الرَّاهِنُ مَا رَهَنَهُ فِيهِ، وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فأَبطله النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ:

لَا يغْلَقُ الرهنُ.

أَبو عَمْرٍو: الغَلَقُ الضَّجَر. وَمَكَانٌ غَلِقٌ وضَجِرٌ أَيْ ضَيِّقٌ، والضَّجْرُ الِاسْمُ، والضَّجَرُ الْمَصْدَرُ. والغَلَقُ: الْهَلَاكُ؛ وَمَعْنَى لَا يَغْلَق الرهنُ أَيْ لَا يَهْلِكُ. وَفِي كِتَابِ

عُمَرُ إِلَى أَبي مُوسَى: إِيَّاكَ والغَلَقَ

؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْغَلْقُ ضِيقُ الصَّدْرِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ. وأَغْلَقَ عَلَيْهِ الأَمرُ إِذَا لَمْ يَنْفسح. وغَلِقَ الأَسيرُ وَالْجَانِي، فَهُوَ غَلِقٌ: لَمْ يُفْدَ؛ قَالَ أَبو دَهْبَلٍ:

مَا زِلْتَ فِي الغَفْرِ للذنوب وإطْلاقٍ ... لِعَانٍ، بجُرْمِه، غَلِق

شَمِرٌ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ نَشِبَ فِي شَيْءٍ فَلَزِمَهُ قَدْ غَلِقَ، غَلِقَ فِي الْبَاطِلِ، وغَلِقَ فِي الْبَيْعِ، وغَلَق بَيْعُهُ فاسْتَغْلَقَ «١». واسْتَغْلَق الرجلُ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَغْلَقَني فُلَانٌ فِي بَيْعي إِذَا لَمْ يَجْعَلْ لِي خِيَارًا فِي ردِّه، قَالَ: واسْتَغْلَقتُ عَلَى بَيْعَتِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِلْفَرَزْدَقَ:

وعَرَّد عَنْ بَنِيهِ الكَسْبَ مِنْهُ، ... وَلَوْ كَانُوا أُولي غَلَقٍ سِغَابا

أُولي غَلَقٍ أَيْ قَدْ غَلِقُوا فِي الْفَقْرِ وَالْجُوعِ. جَمَلٌ غَلْق وغَلْقَةٌ إِذَا هَزَلَ وَكَبُرَ. النَّوَادِرُ: شيْخٌ غَلْقٌ وَجَمَلٌ غَلْقٌ، وَهُوَ الْكَبِيرُ الأَعْجَفُ. وغَلِقَ ظهرُ الْبَعِيرِ غَلَقاً، فَهُوَ غَلِقٌ: انْتَقَضَ دَبَرُه تَحْتَ الأَدَاةِ وكثُر غَلَقاً لَا يبرأُ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَعِيرَكَ لغَلِقُ الظَّهْرِ، وَقَدْ غَلِقَ ظهرُه غَلَقاً، وَهُوَ أَن تَرَى ظَهْرَهُ أَجْمَعَ جُلْبَتَين آثَارَ دبَرٍ قَدْ برأَت فأَنت تَنْظُرُ إِلَى صَفْحَتَيْهِ تَبْرُقان. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَلَقُ شرُّ دَبَر الْبَعِيرِ لَا يَقْدِرُ أَنْ تُعادَى الأَداةُ عَنْهُ أَيْ تُرْفَعَ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ مُرْتَفِعًا، وَقَدْ عادَيْت عَنْهُ الأَداةَ: وَهُوَ أَنْ تَجُوبَ عَنْهُ القَتَب والحِلْس. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: شَفَاعَةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لِمَنْ أَوثَقَ نفسَه وأَغْلَقَ ظهرَه.

وغَلِقَ ظهرُ الْبَعِيرِ إِذَا دَبِرَ، وأَغْلَقَهُ صَاحِبُهُ إِذَا أَثقل حِمْلَهُ حَتَّى يَدْبَرَ؛ شَبَّهَ الذُّنُوبَ الَّتِي أَثقلت ظَهْرَ الإِنسان بِذَلِكَ. وغَلِقَت النَّخْلَةُ غَلَقاً، فَهِيَ غَلِقةٌ: دوَّدَتْ أُصول سَعَفها وَانْقَطَعَ حَمْلُها. والغِلْقةُ والغَلْقةُ: شَجَرَةٌ يَعْطِنُ بِهَا أَهلُ الطَّائِفِ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَلْقة شَجَرَةٌ لَا تُطَاقُ حِدَّةً يَتَوَقَّعُ جَانِيهَا عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ بُخَارِهَا أَوْ مَائِهَا، وَهِيَ الَّتِي تُمَرَّطُ بِهَا الْجُلُودُ فَلَا تَتْرُكُ عَلَيْهَا شَعْرَةً وَلَا لُحْمَةً إلَّا حَلَقَتْهُ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:

جَرِبْنَ فَلَا يُهْنَأْنَ إلَّا بِغَلْقَةٍ ... عَطِينٍ، وأَبوالِ النِّساءِ القَواعِدِ

وَأَوْرَدَ الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ وَنَسَبَهُ لمزَرّد. ابْنُ السِّكِّيتِ: إهَابٌ مَغْلُوق إِذَا جَعَلْتَ فِيهِ الغَلْقَة


(١). قوله [وغلق بيعه فاستغلق] هكذا هو بهذا الضبط في الأَصل

<<  <  ج: ص:  >  >>