للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بريءٌ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَة. ورُوِي عَنْهُ «١» أَنه قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ فِي البَيْعِ والشِّراءِ فِي السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إَنَّكَ بَريءٌ مِنْ عَيْبِها. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ، فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ

؛ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم مِنَ الكَذِب والرِّبا، والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ فِي القولِ، لتكُونَ كَفَّارةً لِذَلِكَ؛ وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي:

سَيَكْفِيكَ، صَرْبَ القَوْمِ، لَحْمٌ مُعَرَّصٌ، ... وماءُ قُدُورٍ، فِي القِصاعِ، مَشِيبُ

إِنما بناهُ عَلَى شِيب الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوط بالتَّوابِلِ والصِّباغِ. والصَّرْبُ: اللبنُ الحامِضُ. ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى فِي العَرْصَةِ ليَجِفَّ، وَيُرْوَى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ؛ وَيُرْوَى مُعَرَّضٌ أَي لَمْ يَنْضَجْ بعدُ، وَهُوَ المُلَهْوَجُ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ، يُضرب مَثَلًا لمَنْ يَخْلِطُ فِي القولِ والعَمَلِ. وَفِي فُلَانٍ شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ، وَفِي فُلَانٍ ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ. واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ فِي الحركاتِ، فَقَالَ: أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ، فالفَتْحة الَّتِي قَبْلَ الإِمالةِ، نَحْوَ فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الإِمالة إِنما هِيَ أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة، فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الْيَاءِ، لِضَرْبٍ مِنْ تَجانُسِ الصَّوْتِ، فَكَمَا أَنَّ الحركَةَ لَيْسَتْ بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ، كَذَلِكَ الأَلِفُ الَّتِي بعدَها لَيْسَتْ أَلِفاً مَحْضَةً، وَهَذَا هُوَ القياسُ، لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة، فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ اللَّاحقة لَها. والشَّوْبُ: القِطْعَة مِنَ العَجِينِ. وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ؛ قِيلَ: إِنَّ الياءَ فِيهَا مُعاقِبَة، وإِنما هُوَ مِنَ الواوِ، لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ. والشَّائِبَة: واحِدة الشَّوائِبِ، وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ. وشَيْبانُ: قَبيلَة؛ قِيلَ ياؤُه بدَلٌ مِنَ الوَاوِ، لقَولِهِم الشَّوابِنَة. وشَابَةُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الياءِ، لأَنَّ هَذِهِ الأَلف تَكُونُ منقَلِبة عَنْ ياءٍ وَعَنْ واوٍ، لأَنّ فِي الكلامِ ش وب، وَفِيهِ ش ي ب، وَلَوْ جُهِل انْقِلابُ هَذِهِ الأَلِف لَحُمِلَتْ عَلَى الواوِ، لأَنَّ الأَلِف هاهنا عَين، وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كَانَتْ عَيْناً عَنِ الواوِ أَكثر مِنِ انقلابِها عَنِ الياءِ؛ قَالَ:

وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ، ... حَنْظَل شَابَةَ، يَجْني هَبِيدا

شوشب: قَالَ فِي تَرْجَمَةٍ فَوْلَفٍ: وَمِمَّا جاءَ عَلَى بِناءِ فَوْلَفٍ شَوْشَبٌ: اسمٌ للعَقْرَبِ.

شيب: الشَّيْبُ: مَعْرُوفٌ، قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر، والمَشِيبُ مِثْلُه، ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً. شَابَ يَشِيبُ شَيْباً، ومَشِيباً وشَيبةً، وَهُوَ أَشْيَبُ، عَلَى غيرِ قياسٍ، لأَنَّ هَذَا النَّعْتَ إِنما يكونُ مِنْ بَابِ فَعِلَ يَفعَلُ، وَلَا فَعْلاءَ لَهُ. قيلَ: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. وَيُقَالُ: عَلاهُ الشَّيْبُ. وَيُقَالُ: رَجلٌ أَشْيَبُ، وَلَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ شَيْباءُ، لَا تُنْعَتُ بِهِ المَرْأَةُ، اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ، وَقَدْ يُقَالُ: شَابَ رَأْسُها. والمَشِيبُ: دُخُولُ الرَّجُلِ فِي حَدِّ الشَّيْبِ من


(١). قوله [وروي عنه] أي عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي عبارة التهذيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>