الرِّجالِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ عَدِيّ:
تَصْبُو، وأَنَّى لَكَ التَّصابي؟ ... والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ
يَعْنِي بَيَّضَه المَشِيبُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ خَالَطَه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيتُ زَعَم الْجَوْهَرِيُّ أَنه لعَدِيٍّ، وَهُوَ لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ رابَه، ولِمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ، ... وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ، فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه. والأَشْيَبُ: المُبْيَضُّ الرأْس. شَيَّبَه الحُزْنُ، وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه، وبرأْسِهِ، وأشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِه، وقَوْمٌ شِيبٌ، وَيَجُوزُ فِي الشِّعر شُيُبٌ، عَلَى التَّمامِ؛ هَذَا قولُ أَهلِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هُوَ جمعُ شَائِبٍ، كَمَا قَالُوا بازِلٌ وبُزُلٌ، أَو جَمْعُ شَيُوبٍ، عَلَى لُغةِ الحجازيِّين، كَمَا قَالُوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ، ودُجاجٌ بُيُضٌ؛ وَقَوْلُ الرَّائِدِ: وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب، وكَمْأَةً شِيب، إِنما يَعْنِي بِهِ البِيضَ الكِبارَ. والشِّيبُ: جمعُ أَشْيَبَ. والشِّيبُ: الجِبالُ يَسْقُطُ عَلَيْهَا الثَّلْجُ، فتَشِيبُ بِهِ؛ وَقَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ، بَاتَ فيهِ ... بَوارِقُ، يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشِّيبُ هاهنا سَحائِبُ بيضٌ، واحِدُها أَشْيَبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ، أَو مِنَ الغُبارِ؛ وَقِيلَ: شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ، ذَكَرَهُ الكُمَيْت، فَقَالَ:
وَمَا فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها ... عَمَاية، أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ: أَرادُوا بِهِ المبالغةَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِم: شِعْرٌ شاعِرٌ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً
، نَصْبٌ عَلَى التَّمْييز؛ وَقِيلَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لأَنه حِينَ قَالَ: اشْتَعَلَ كأَنه قَالَ شابَ فَقَالَ شَيْباً. وأَشابَ الرَّجُلُ: شابَ وَلَدُه، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها، فدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها: بَاتَتْ بلَيلةِ حُرَّةٍ؛ وإِن افْتَرَعَها تِلْكَ اللَّيْلَةَ، قَالُوا: باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ؛ وَقَالَ عُرْوةُ بنُ الوَرْد:
كلَيْلَةِ شَيْباءَ، الَّتِي لَسْتُ ناسِياً، ... ولَيْلَتِنا، إِذْ مَنَّ، مَا مَنَّ، قَرْمَلُ
فَكُنْتُ كليلةِ الشَّيْباءِ، هَمَّتْ ... بِمَنْعِ الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبِيلُ
وَقِيلَ: ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ مِنْ واوٍ، لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ، غيرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهم قَالُوا بليلةِ شَوْباءَ؛ جَعَلوا هَذَا بَدلًا لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ. وليلةُ شَيْباءَ: آخِرُ ليلةٍ مِنَ الشهرِ، ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان: فِيهِ غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ. وشِيبانُ ومِلْحانُ: شَهْرا قِماحٍ، وَهُمَا أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً، وَهُمَا اللَّذان يقولُ مَن لَا يَعْرِفُهما: كانونٌ وكانُونُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها ... بشِيبانَ، أَو مِلْحانَ، واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي مِنَ الثَّلْج؛ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سَلَمة، بِكَسْرِ الشينِ