قَدْ تَقُولُ هُنَيْهة فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَدْ تَقُولُ فِيهِ هُنَيَّة؟ كَانَ الْجَوَابُ وَاحِدًا كَالَّذِي قَبْلَهُ، أَلا تَرَى أَن هُنَيْوة الَّذِي هُوَ أَصل لَا يُنْطَق بِهِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ البَتَّة فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى وَوْلَج فِي رَفْضِهِ وَتَرْكِ اسْتِعْمَالِهِ؟ فَهَذَا كُلُّهُ يؤَكد عِنْدَكَ أَن امْتِنَاعَهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ آلٍ فِي جَمِيعِ مَوَاقِعِ أَهل إِنما هُوَ لأَن فيه بدلا من بدل، كَمَا كَانَتِ التَّاءُ فِي الْقَسَمِ بَدَلًا مَنْ بَدَلٍ. والإِهَالَةُ: مَا أَذَبْتَ مِنَ الشَّحْمِ، وَقِيلَ: الإِهَالة الشَّحْمُ وَالزَّيْتُ، وَقِيلَ: كُلُّ دُهْنٍ اؤْتُدِم بِهِ إِهالةٌ، والإِهَالَة الوَدَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُدْعى إِلى خُبْز الشَّعِيرِ والإَهالَة السَّنِخَة فيُجيب
، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الأَدهان مِمَّا يُؤْتَدَم بِهِ إِهالَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أُذيب مِنَ الأَلْية والشَّحم، وَقِيلَ: الدَّسَم الْجَامِدُ والسَّنِخة الْمُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ فِي صِفَةِ النَّارِ: يُجَاءُ بجهنَم يَوْمَ الْقِيَامَةِ كأَنها مَتْنُ إِهَالَة
أَي ظَهْرُها. قَالَ: وَكُلُّ مَا اؤْتدم بِهِ مِنْ زُبْد ووَدَك شَحْمٍ ودُهْنِ سِمْسِمٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ إِهالَة، وَكَذَلِكَ مَا عَلا القِدْرَ مِنْ وَدَك اللَّحْمِ السَّمين إِهالَة، وَقِيلَ: الأَلْية المُذابة وَالشَّحْمُ الْمُذَابُ إِهالَة أَيضاً. ومَتْن الإِهَالَة: ظَهْرُها إِذا سُكِبَت فِي الإِناء، فَشَبَّه كَعْبٌ سُكُونَ جَهَنَّمَ قَبْلَ أَن يَصِيرَ الْكُفَّارُ فِيهَا بِذَلِكَ. واسْتَأْهَل الرجلُ إِذا ائْتَدَمَ بالإِهالة. والمُسْتَأْهِل: الَّذِي يأْخذ الإِهالة أَو يأْكلها؛ وأَنشد ابْنُ قُتَيْبَةَ لِعَمْرِو بْنِ أَسْوَى:
لَا بَلْ كُلِي يَا أُمَّ، واسْتَأْهِلي، ... إِن الَّذِي أَنْفَقْتُ مِنْ مالِيَه
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ فُلَانٌ أَهل لِكَذَا وَلَا تَقُلْ مُسْتَأْهِل، والعامَّة تقول. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبو الْهَيْثَمِ خَالِدٌ الْكَاتِبُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ لإِبراهيم بْنِ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلَافَةِ طَلَبَنِي وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِليه قَالَ: أَنْشِدْني، فَقُلْتُ: يَا أَمير المؤْمنين، لَيْسَ شِعْرِي كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا
، وإِنما أَنا أَمزحُ وأَعْبَثُ بِهِ؛ فَقَالَ: لَا تَقُلْ يَا خَالِدُ هَكَذَا، فَالْعِلْمُ جِدٌّ كُلُّهُ؛ ثُمَّ أَنْشدته:
كُنْ أَنت للرَّحْمَة مُسْتَأْهِلًا، ... إِن لَمْ أَكُنْ مِنْكَ بِمُسْتَأْهِل
أَلَيْسَ مِنْ آفَةِ هَذَا الهَوى ... بُكاءُ مَقْتُولٍ عَلَى قَاتِلِ؟
قَالَ: مُسْتَأْهِل لَيْسَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ وإِنما المُسْتَأْهِل الَّذِي يأْخذ الإِهالة، قَالَ: وَقَوْلُ خَالِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لأَنه مُوَلَّدٌ، والله أَعلم.
أول: الأَوْلُ: الرُّجُوعُ. آلَ الشيءُ يَؤُولُ أَوْلًا ومَآلًا: رَجَع. وأَوَّلَ إِليه الشيءَ: رَجَعَه. وأُلْتُ عَنِ الشَّيْءِ: ارْتَدَدْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا آلَ
أَي لَا رَجَعَ إِلى خير، والأَوْلُ الرجوع. في حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ السُّلَمِيِّ: حَتَّى آلَ السُّلامِيُ
أَي رَجَعَ إِليه المُخ. وَيُقَالُ: طَبَخْت النبيذَ حَتَّى آلَ إِلَى الثُّلُث أَو الرُّبع أَي رَجَع؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ لِهِشَامٍ:
حَتَّى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِم، ... وجَرَّد الخَطْبُ أَثْباجَ الجراثِيم
آلُوا الجِمَالَ هَرامِيلَ العِفاءِ بِها، ... عَلَى المَناكِبِ رَيْعٌ غَيْرُ مَجْلُوم
قَوْلُهُ آلُوا الجِمَال: ردُّوها لِيَرْتَحِلُوا عَلَيْهَا. والإِيَّل والأُيَّل: مِنَ الوَحْشِ، وَقِيلَ هُوَ الوَعِل؛