للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْفَارِسِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَآلِهِ إِلى الْجَبَلِ يَتَحَصَّنُ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِيَّل وأُيَّل عَلَى هَذَا فِعْيَل وفُعيْل، وَحَكَى الطُّوسِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَيِّل كسَيِّد مِنْ تذكِرة أَبي عَلِيٍّ. اللَّيْثُ: الأَيِّل الذَّكَرُ مِنَ الأَوْعال، وَالْجَمْعُ الأَيَايِل، وأَنشد:

كأَنَّ فِي أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل، ... مِنْ عَبَسِ الصَّيْف، قُرونَ الإِيَّل

وَقِيلَ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: إِيَّل وأَيِّل وأُيَّل عَلَى مِثَالِ فُعَّل، وَالْوَجْهُ الْكَسْرُ، والأُنثى إِيَّلة، وَهُوَ الأَرْوَى. وأَوَّلَ الكلامَ وتَأَوَّلَهُ: دَبَّره وقدَّره، وأَوَّلَهُ وتَأَوَّلهُ: فَسَّره. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ

؛ أَي لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ عِلْمُ تأْويله، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن عِلْمَ التَّأْوِيل يَنْبَغِي أَن يُنْظَرَ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ يأْتهم ما يؤُول إِليه أَمرهم فِي التَّكْذِيبِ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَدَلِيلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: اللَّهُمَّ فَقِّهه فِي الدِّينِ وعَلِّمه التَّأْوِيل

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ آلَ الشيءُ يَؤُولُ إِلى كَذَا أَي رَجَع وَصَارَ إِليه، وَالْمُرَادُ بالتَّأْوِيل نَقْلُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَنْ وَضْعِهِ الأَصلي إِلى مَا يَحتاج إِلى دَلِيلٍ لَوْلَاهُ مَا تُرِك ظاهرُ اللَّفْظِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُكْثِرُ أَن يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ يَتَأَوَّل القرآنَ

، تَعْنِي أَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ. وَفِي حَدِيثِ

الزُّهْرِيُّ قَالَ: قُلْتُ لعُروة مَا بالُ عائشةَ تُتِمُّ فِي السَّفَر يَعْنِي الصَّلَاةَ؟ قَالَ: تَأَوَّلَت «٢» كَمَا تَأَوَّلَ عثمانُ

؛ أَراد بتَأْوِيل عُثْمَانَ مَا رُوِيَ عَنْهُ

أَنه أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ فِي الْحَجِّ

، وَذَلِكَ أَنه نَوَى الإِقامة بِهَا. التَّهْذِيبُ: وأَما التَّأْوِيل فَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنْ أَوَّلَ يُؤَوِّلُ تَأْوِيلًا وثُلاثِيُّه آلَ يَؤُولُ أَي رَجَعَ وَعَادَ. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ التَّأْوِيل فَقَالَ: التَّأْوِيل وَالْمَعْنَى وَالتَّفْسِيرُ وَاحِدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ أُلْتُ الشيءَ أَؤُولُهُ إِذا جَمَعْتَهُ وأَصلحته فَكَانَ التَّأْوِيل جَمْعَ مَعَانِي أَلفاظ أَشكَلَت بِلَفْظٍ وَاضِحٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَمرَك أَي جَمَعَه، وإِذا دَعَوا عَلَيْهِ قَالُوا: لَا أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ شَمْلَك. وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ للمُضِلِّ: أَوَّلَ اللهُ عَلَيْكَ أَي رَدَّ عَلَيْكَ ضالَّتك وجَمَعها لَكَ. وَيُقَالُ: تَأَوَّلت فِي فُلَانٍ الأَجْرَ إِذا تَحَرَّيته وَطَلَبْتَهُ. اللَّيْثُ: التَّأَوُّلُ والتَّأْوِيلُ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ الَّذِي تَخْتَلِفُ مَعَانِيهِ وَلَا يَصِحُّ إِلّا بِبَيَانِ غَيْرِ لَفْظِهِ؛ وأَنشد:

نَحْنُ ضَرَبْناكم عَلَى تَنْزِيلِهِ، ... فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَأْوِيلِه «٣»

. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ

؛ فَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا ما يَؤُول إِليه أَمرُهم مِنَ البَعْث، قَالَ: وَهَذَا التَّأْوِيل هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ

؛ أَي لَا يَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ أَمْرُ البعث وما يؤول إِليه الأَمرُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أَي آمَنَّا بِالْبَعْثِ، وَاللَّهُ أَعلم؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا حَسَنٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَعلم اللهُ جَلَّ ذكرُه أَن فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنزله آياتٍ محكماتٍ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ لَا تَشابُهَ فِيهِ فَهُوَ مَفْهُومٌ مَعْلُومٌ، وأَنزل آيَاتٍ أُخَرَ مُتَشَابِهَاتٍ تَكَلَّمَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ مُجْتَهِدِينَ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَن الْيَقِينَ الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ لَا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ، وذلك


(٢). قوله [قال تَأَوَّلت إلخ] كذا بالأَصل. وفي الأَساس: وتأملته فتَأَوَّلت فيه الخير أي توسمته وتحرَّيته
(٣). قوله: [نضربْكم]، بالجزم؛ هكذا في الأَصل ولعل الشَّاعِرَ اضطُرّ إِلَى ذَلِكَ محافظة على وزن الشعر الذي هو الرجز

<<  <  ج: ص:  >  >>