لأَن اللَّهَ تَعَالَى حِينَ أَراد أَن يُخَالِفَ بَيْنَ أَلسنة بَنِي آدَمَ بَعَث رِيحًا فَحَشَرَهُمْ مِنْ كُلِّ أُفق إِلى بَابِلَ فبَلْبَل اللَّهُ بِهَا أَلسنتهم، ثُمَّ فَرَّقتهم تِلْكَ الرِّيحُ فِي الْبِلَادِ. والبَلْبَلَة والبَلابِل والبَلْبَال: شدَّة الْهَمِّ والوَسْواس فِي الصُّدُورِ وَحَدِيثُ النَّفْسِ، فأَما البِلْبَال، بِالْكَسْرِ، فَمَصْدَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ أَبي بُرْدَةَ عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن أُمتي أُمة مَرْحُومَةٌ لَا عَذَابَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، إِنما عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا البَلابِل وَالزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: البَلابِل وَسْوَاسُ الصَّدْرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبَاعِثِ بْنِ صُرَيم وَيُقَالُ أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هَلْ ثَأَرْتَ بِمَالِكٍ، ... أَم هَلْ شَفَيْت النفسَ مِنْ بَلْبَالها؟
وَيُرْوَى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هَلْ ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
وَوَائِلٌ: أَخو بَاعِثِ بْنِ صُرَيم. وبَلْبَلَ القومَ بَلْبَلَة وبِلْبَالًا: حَرَّكهم وهَيَّجهم، وَالِاسْمُ البَلْبَال، وَجَمْعُهُ البَلابِل. والبَلْبَال: البُرَحاء فِي الصَّدر، وَكَذَلِكَ البَلْبَالَة؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ؛ وأَنشد:
فَبَاتَ مِنْهُ القَلْبُ فِي بَلْبَالِه، ... يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ فِي الحِباله
وَرَجُلٌ بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف فِي السَّفَر معْوان. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَالَ لِي أَبو لَيْلَى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. وَرَجُلٌ بُلابِل: خَفِيفُ الْيَدَيْنِ وَهُوَ لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ. والبُلْبُل مِنَ الرِّجَالِ: الخَفِيفُ؛ قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُزَرِّد:
سَتُدْرِك مَا تَحْمي الحِمارة وابْنُها ... قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل
والحِمارة: اسْمُ حَرَّة وابنُها الجَبَل الَّذِي يُجَاوِرُهَا، أَي سَتُدْرِكُ هَذِهِ الْقَلَائِصُ مَا مَنَعَتْهُ هَذِهِ الحَرَّة وابنُها. والبُلْبُول: الْغُلَامُ الذَّكِيُّ الكَيِّس. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: غُلَامٌ بُلْبُل خَفِيفٌ فِي السَّفَر، وقَصَره عَلَى الْغُلَامِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَهُ أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وَهُمَا الأَنين مَعَ الصَّوْتِ؛ وَقَالَ المَرَّار بْنُ سَعِيدٍ:
إِذا مِلْنا عَلَى الأَكْوار أَلْقَتْ ... بأَلْحِيها لأَجْرُنِها بَليل
أَراد إِذا مِلْنا عَلَيْهَا نَازِلِينَ إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها عَلَى الأَرض مِنَ التَّعَبِ. أَبو تُرَابٍ عَنْ زَائِدَةَ: مَا فِيهِ بُلالَة وَلَا عُلالة أَي مَا فِيهِ بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسْمُ بَلَدٍ. والبُلْبُول: اسْمُ جَبَل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ طَالَ مَا عارَضَها بُلْبُول، ... وهْيَ تَزُول وَهْوَ لَا يَزول
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: مَا شَيْءٌ أَبَلَّ لِلْجِسْمِ مِنَ اللَّهْو
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ شَيْءٌ كَلَحْمِ الْعُصْفُورِ أَي أَشد تَصْحِيحًا وَمُوَافَقَةً لَهُ. وَمِنْ خَفِيفِ هَذَا الْبَابِ بَلْ، كَلِمَةُ اسْتِدْرَاكٍ وإِعلامٍ بالإِضْراب عَنِ الأَول، وَقَوْلُهُمْ قَامَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زَيْدٌ، فإِن النُّونَ بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ، أَلا تَرَى إِلى كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ بَلْ وَقِلَّةِ اسْتِعْمَالِ بَنْ، والحُكْمُ عَلَى الأَكثر لَا الأَقل؟ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَمره، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ لَسْتُ أَدفع مَعَ هَذَا أَن تَكُونَ بَنْ لُغَةً قَائِمَةً بِنَفْسِهَا. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ بَلى: بَلى تَكُونُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ الجَحْد. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى
؛ قَالَ: وإِنما صَارَتْ بَلى تَتَّصِلُ بالجَحْد لأَنها رُجُوعٌ عَنِ الجَحْد إِلى