للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُمْ، فَكَيْفَ مَن بَعْدَهُمْ وَقَدْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَعَايَنُوا الرَّسُولَ، وَكَانُوا مَعَ الرَّغْبَةِ الَّتِي ظَهَرَت مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا خيرَ هَذِهِ الأُمَّة الَّتِي وَصَفَهَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَوَاجِبٌ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ الاستغفارُ لَهُمْ والتَّرَحُّم عَلَيْهِمْ، وأَن يسأَلوا اللَّه تَعَالَى أَن لَا يَجْعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ غِلًّا لَهُمْ، وَلَا يَذْكُرُوا أَحداً مِنْهُمْ بِمَا فِيهِ مَنْقَصة لَهُمْ واللَّه يَرْحَمُنَا وإِياهم، ويَتَغَمَّد زلَلنا بِحِلْمِهِ، إِنه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَقَوْلُ دُكَيْنٍ:

أَصبحتُ قَدْ صالَحَنِي عَوَاذِلِي، ... بَعْدَ الشِّقاق، ومَشَتْ رَوَاحِلي

قِيلَ: تَرَكْتُ جَهْلي وارْعَوَيْت وأَطَعْت عَوَاذِلِي كَمَا تُطِيع الراحلةُ زاجرَها فَتَمْشِي، وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:

وعُرِّيَ أَفراسُ الصِّبا ورَوَاحِلُه

اسْتَعَارَهُ للصِّبا، يَقُولُ: ذَهَبَتْ قُوَّةُ شَبَابِي الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلني كَمَا تَحْمِلُ الفرسُ والراحلةُ صاحبَهما. وَيُقَالُ للرَّاحِلَة الَّتِي ريضَت وأُدِّبَت: قَدْ أُرْحِلَت إِرْحَالًا، وأُمْهِرَت إِمهاراً إِذا جَعَلَهَا الرَّائِضُ مَهْريَّةً ورَاحِلَة. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّاحِلَة المَرْكَب مِنَ الإِبل، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى. والرِّحَال: الطَّنَافِسُ الحيريَّة، وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

ومَصَابِ غاديةٍ، كأَنَّ تِجَارَها ... نَشَرَتْ عَلَيْهِ بُرودَها ورِحَالَها

والمُرَحَّل: ضَرْب مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، سُمِّي مُرَحَّلًا لأَن عَلَيْهِ تَصَاوِيرَ رَحْل. ومِرْطٌ مُرَحَّل: إِزارُ خَزٍّ فِيهِ عَلَمٌ، وَقَالَ الأَزهري: سُمِّيَ مُرَحَّلًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ تَصَاوِيرِ رَحْل وَمَا ضَاهَاهُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

عليهنَّ رَاحُولاتُ كلِّ قَطِيفة، ... مِنَ الخَزِّ، أَو مِنْ قَيْصَرَانَ عِلامُها

قَالَ: الرَّاحُولات الرَّحْل المَوْشِيُّ، عَلَى فاعُولات، قَالَ: وقَيْصَران ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ المَوْشِيَّة. ومِرْطٌ مُرَحَّل: عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ الرِّحَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ

: أَّن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّل

، المُرَحَّل الَّذِي قَدْ نُقِش فِيهِ تَصَاوِيرُ الرِّحال. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ وَذَكَرَتْ نِسَاءَ الأَنصار: فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلى مِرْطِها المُرَحَّل.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ

: كَانَ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ المُرَحَّلات

، يَعْنِي المُروط المُرَحَّلة، وَتُجْمَعُ عَلَى المَرَاحِل. وَفِي الْحَدِيثِ

: حَتَّى يَبْنِيَ النَّاسُ بُيُوتًا يُوَشُّونها وَشْيَ المَرَاحِل

، يَعْنِي تِلْكَ الثِّيَابَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ التَّرْحِيل، وَيُقَالُ لَهَا المَرَاجِل، بِالْجِيمِ أَيضاً، وَيُقَالُ لَهَا الرَّاحُولات. وَنَاقَةٌ رَحِيلَة أَي شَدِيدَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ جَمَلٌ رَحِيل. وَبَعِيرٌ ذُو رُحْلة ورِحْلة أَي قوَّة عَلَى السَّيْرِ. الأَزهري: وَبَعِيرٌ مِرْحَل ورَحِيل إِذا كَانَ قَوِيّاً. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: نَاقَةٌ رَحِيلَة ورَحِيلٌ ومُرْحِلَة ومُسْتَرْحِلَة أَي نَجيبة. وَبَعِيرٌ مُرْحِل إِذا كَانَ سَمِيناً وإِن لَمْ يَكُنْ نَجِيباً. وَبَعِيرٌ ذُو رُحلَة ورِحْلَة إِذا كَانَ قَويّاً عَلَى أَن يَرْحَل. وارْتَحَلَ البعيرُ رِحْلةً: سَارَ فَمَضَى، ثُمَّ جَرَى ذَلِكَ فِي الْمَنْطِقِ حَتَّى قِيلَ ارْتَحَلَ القومُ عَنِ الْمَكَانِ ارْتِحَالًا. ورَحَلَ عَنِ الْمَكَانِ يَرْحَلُ وَهُوَ رَاحِلٌ مِنْ قَوْمٍ رُحَّلٌ: انْتَقَلَ، قَالَ:

رَحَلْت مِنْ أَقْصى بلادِ الرُّحَّلِ، ... مِنْ قُلَل الشِّحْر، فَجَنْبَيْ مَوْحَلِ

ورَحَّلَ غيرَه، قَالَ الشَّاعِرُ:

لَا يَرْحَل الشيبُ عَنْ دارٍ يَحُلُّ بِهَا، ... حَتَّى يُرَحِّلُ عَنْهَا صاحبَ الدارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>