للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظاهرة، يقال: غَلَّ يَغُلُّ وسَلّ يَسُلّ، فأَما أَغَلَّ وأَسَلَّ فَمَعْنَاهُ صَارَ ذَا غُلول وسَلَّة، وَيَكُونُ أَيضاً أَن يُعِينَ غَيْرَهُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: الإِغْلال لُبْس الدُّروع، والإِسْلال سَلّ السُّيُوفِ؛

وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قلبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، ومُناصَحة ذَوِي الأَمْر، وَلُزُومُ جماعة المسلمين فإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحيط مِنْ وَرَائِهِمْ

؛ قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ أَي لَا يَكُونُ مَعَهَا فِي قَلْبِهِ غِشّ ودَغَل ونِفاق، وَلَكِنْ يَكُونُ مَعَهَا الإِخلاص فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُوِيَ: لَا يَغِلُّ وَلَا يُغِلُّ، فَمَنْ قَالَ يَغِلُّ، بِالْفَتْحِ لِلْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ، فإِنه يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الضِّغْن والغِلّ وَهُوَ الضِّغْن والشَّحْناء، أَي لَا يَدْخُلُهُ حِقْد يُزيله عَنِ الْحَقِّ، وَمَنْ قَالَ يُغِلُّ، بِضَمِّ الْيَاءِ، جَعَلَهُ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ وأَما غَلَّ يَغُلُّ غُلُولًا فإِنه الْخِيَانَةُ فِي المَغْنَم خَاصَّةً، والإِغْلال: الْخِيَانَةُ فِي المَغانم وَغَيْرِهَا. وَيُقَالُ مِنَ الغِلّ: غَلَّ يَغِلُّ، وَمِنَ الغُلول: غَلَّ يَغُلُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: غَلَّ الرجلُ يَغُلُّ إِذا خَانَ لأَنه أَخْذ شَيْءٍ فِي خَفاء، وَكُلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ فِي خَفَاءٍ فَقَدْ غَلَّ يَغُلُّ غُلولًا، وَكُلُّ مَا كَانَ فِي هَذَا الْبَابِ رَاجِعٌ إِلى هَذَا، مِنْ ذَلِكَ الْغَالُّ، وَهُوَ الْوَادِي الْمُطَمْئِنُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ، وَجَمْعُهُ غُلَّان، وَمِنْ ذَلِكَ الغِلّ وَهُوَ الحِقْد الكامِن؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ لَا يُغِلّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ، قَالَ: وَيُرْوَى يَغِلُ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الوُغول الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن هَذِهِ الخِلال الثَّلَاثَ تُستصلَح بِهَا الْقُلُوبُ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا طهُر قَلْبُهُ مِنَ الدَّغَل وَالْخِيَانَةِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَعَلَيْهِنَّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ تَقْدِيرُهُ لَا يَغِلُ كَائِنًا عَلَيْهِنَّ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: غَلَلْتم وَاللَّهِ

أَي خُنْتم فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَلَمْ تَصْدُقوه. ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ: غُلَّ بصرُ فُلَانٍ حَادَ عَنِ الصَّوَابِ مِنْ غَلَّ يَغِلُّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ

ثلاث لا يَغِلُّ عليهن قلبُ امرئ

أَي لَا يَحِيدُ عَنِ الصَّوَابِ غَاشًّا. وأَغَلَّ الخطيبُ إِذا لَمْ يُصِبْ فِي كَلَامِهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:

خُطباء لَا خُرْق وَلَا غُلل، إِذا ... خُطَبَاءُ غيرهمُ أَغَلَّ شِرارُها

وأَغَلَّ فِي الجِلْد: أَخذ بَعْضَ اللَّحْمِ والإِهابَ. يُقَالُ: أَغْلَلْت الْجِلْدَ إِذا سَلَخْتَهُ وأَبقيت فِيهِ شَيْئًا مِنَ الشَّحم، وأَغْلَلْت فِي الإِهاب سَلَخْتَهُ فَتَرَكْتَ عَلَى الْجِلْدِ اللَّحْمَ. والغَلَل: اللَّحْمُ الَّذِي تُرِكَ عَلَى الإِهاب حِينَ سُلِخَ. وأَغَلَّ الْجَازِرُ فِي الإِهاب إِذا سلَخ فَتَرَكَ مِنَ اللَّحْمِ ملتزِقاً بالإِهاب. والغَلَل: دَاءٌ فِي الإِحليل مِثْلُ الرَّفَقِ، وَذَلِكَ أَن لَا يَنْفُض الْحَالِبُ الضَّرْع فَيَتْرُكَ فِيهِ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ فَيَعُودُ دَمًا أَو خَرَطاً. وغَلَّ فِي الشَّيْءِ يَغُلُّ غُلولًا وانْغَلَّ وتَغَلَّلَ وتَغَلْغَلَ: دَخَلَ فِيهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ والأَعراض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ والكِناس:

يُحَفِّرُه عَنْ كلِّ ساقٍ دَقِيقةٍ، ... وَعَنْ كُلِّ عِرْقٍ فِي الثَّرى مُتَغَلْغِل «٣»

. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي العَرَض رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ شُيُوخِهِ:

تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمةَ فِي فُؤادي، ... فَبادِيه مَعَ الْخَافِي يَسِيرُ

وغَلَّه يَغُلّه غَلًّا: أَدخله؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

غَلَلْت المَهَارى بَيْنَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ، ... وَبَيْنَ الدُّجَى حَتَّى أَراها تمزَّق


(٣). قوله [يحفره] هكذا في الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>