وبَلْدَةٍ بعيدةِ النِّياطِ، ... مَجْهولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الْخَاطِّي
ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَرض ذَاتُ غَوْل بَعِيدَةٌ وإِن كَانَتْ فِي مَرْأَى الْعَيْنِ قَرِيبَةً. وامرأَة ذَاتُ غَوْل أَي طَوِيلَةٌ تَغُول الثِّيَابَ فتقصُر عَنْهَا. والغَوْل: مَا انْهَبَطَ مِنَ الأَرض؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَ لَبِيَدٍ:
عَفَتِ الديارُ مَحَلّها، فمُقامُها، ... بِمِنًى تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها
وَقِيلَ: إِن غَوْلها ورِجامها فِي هَذَا الْبَيْتِ مَوْضِعَانِ. والغَوْل: التُّراب الْكَثِيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ ثَوْرًا يَحْفِر رَمْلًا فِي أَصل أَرْطاةٍ:
ويَبْري عِصِيّاً دُونَهَا مُتْلَئِبَّةً، ... يَرى دُونَها غَوْلًا، مِنَ الرَّمْلِ، غَائِلا
وَيُقَالُ للصَّقْر وَغَيْرِهِ: لَا يَغْتَالُهُ الشِّبَعُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ صَقْراً:
مِنْ مَرْقَبٍ فِي ذُرى خَلقاء راسِيةٍ، ... حُجْن المَخالِبِ لَا يَغْتاله الشِّبَعُ
أَي لَا يَذْهَبُ بقُوّته الشِّبَعُ، أَراد صَقْرًا حُجْناً مخالبُه ثُمَّ أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ. والغَوْل: الصُّداع، وَقِيلَ السُّكر، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
؛ أَي لَيْسَ فِيهَا غَائِلَةُ الصُّداع لأَنه تَعَالَى قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغَوْل أَن تَغْتال عقولَهم؛ وأَنشد:
وَمَا زَالَتِ الْخَمْرُ تَغْتالُنا، ... وتذهَبُ بالأَوَّلِ الأَوَّلِ
أَي توصِّل إِلينا شَرَّا وتُعْدمنا عقولَنا. التَّهْذِيبُ: مَعْنَى الغَوْل يَقُولُ لَيْسَ فِيهَا غِيلَةٌ، وَغَائِلَةٌ وغَوْل سَوَاءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: لَا تَغُول عُقُولُهُمْ وَلَا يسكَرون. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: غَالَتِ الْخَمْرُ فُلَانًا إِذا شَرِبَهَا فَذَهَبَتْ بِعَقْلِهِ أَو بِصِحَّةِ بَدَنِهِ، وَسُمِّيَتِ الغُول الَّتِي تَغُول فِي الفَلوات غُولًا بِمَا توصِّله مِنَ الشرِّ إِلى النَّاسِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ غُولًا لتلوُّنها، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُهْدَةِ المَماليك:
لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلة
؛ الْغَائِلَةُ فِيهِ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا ظَهَرَ وَاسْتَحَقَّهُ مَالِكُهُ غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي ثَمَنِهِ أَي أَتلفه وأَهلكه. يُقَالُ: غَالَه يَغُولُه واغْتاله أَي أَذهبه وأَهلكه، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وفي حديث
بن ذِي يَزَن: ويَبْغُون لَهُ الغَوائل
أَي الْمَهَالِكَ، جَمْعُ غَائِلَةٍ. والغَوْل: المشقَّة. والغَوْل: الْخِيَانَةُ. وَيُرْوَى حَدِيثُ عُهْدَةِ الْمَمَالِيكِ:
وَلَا تَغْيِيب
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَكْتُبُ الرَّجُلُ العُهود فَيَقُولُ أَبيعُك عَلَى أَنه لَيْسَ لَكَ تَغْيِيب وَلَا دَاءٌ وَلَا غَائِلَةٌ وَلَا خِبْثة؛ قَالَ: والتَّغْيِيب أَن لَا يَبِيعه ضالَّة وَلَا لُقَطة وَلَا مُزَعْزَعاً، قَالَ: وَبَاعَنِي مُغَيَّباً مِنَ الْمَالِ أَي مَا زَالَ يَخْبَؤُه ويغيِّبه حَتَّى رَماني بِهِ أَي باعَنِيه؛ قَالَ: والخِبْثة الضالَّة أَو السَّرقة، وَالْغَائِلَةُ المغيَّبة أَو الْمَسْرُوقَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّاءُ العَيْب الْبَاطِنُ الَّذِي لَمْ يُطْلِع البائعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ، والخِبْثة فِي الرَّقيق أَن لَا يكون طيِّب الأَصل كأَنه حرُّ الأَصل لَا يَحِلُّ مِلْكُهُ لأَمانٍ سَبَقَ لَهُ أَو حرِّية وَجَبَتْ لَهُ، وَالْغَائِلَةُ أَن يَكُونَ مَسْرُوقًا، فإِذا استُحِق غَالَ مَالَ مُشْتَرِيهِ الَّذِي أَدَّاه فِي ثَمَنِهِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُهُ الخِبْثة فِي الرَّقيق أَن لا يكون طَيِّبَ الأَصل كأَنه حُرُّ الأَصل فِيهِ تسمُّح فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ إِذا كَانَ حُرَّ الأَصل كَانَ طيِّب الأَصل، وَكَانَ لَهُ فِي الْكَلَامِ متَّسع لَوْ عدَل عَنْ هَذَا.