اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ دَخلا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمير الْمَدِينَةِ، فَجَرَى بَيْنَهُمُ الْحَدِيثُ حَتَّى قَالَ عُرْوَة فِي شَيْءٍ جَرَى مِنْ ذِكْر عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ مَا أَحْبَبْتُ أَحداً حُبِّي عبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيْرِ، لَا أَعني رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَبَوَيَّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنكم لتَنْتَحِلون عَائِشَةَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ انْتِحَالَ مَنْ لَا يَرَى لأَحد مَعَهُ فِيهَا نَصِيبًا فَاسْتَعَارَهُ لَهَا
؛ وَقَالَ ابْنُ هَرْمة:
وَلَمْ أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فِيهَا، ... وَلَمْ تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُ
ونَحَلَه القولَ يَنْحَلُه نَحْلًا: نَسَبه إِليه. ونَحَلْتُه القولَ أَنْحَلُه نَحْلًا، بِالْفَتْحِ: إِذا أَضَفْت إِليه قولًا قاله غَيْرُهُ وادّعيتَه عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ يَنْتَحِلُ مذهبَ كَذَا وقبيلةَ كَذَا إِذا انْتَسَبَ إِليه. وَيُقَالُ: نُحِلَ الشاعرُ قَصِيدَةً إِذا نُسِبَت إِليه وَهِيَ مِنْ قِيلِ غَيْرِهِ؛ وَقَالَ الأَعشى فِي الانْتِحَال:
فكيْفَ أَنا وانْتِحَالِي القَوا ... فِ، بَعدَ المَشِيب، كفَى ذَاكَ عَارًا
وقَيَّدَني الشِّعْرُ فِي بيتِه، ... كَمَا قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا
أَراد انْتِحَالِي القوافيَ فدَلَّت كَسْرَةُ الْفَاءِ مِنَ الْقَوَافِي عَلَى سُقُوطِ الْيَاءِ فَحَذَفَهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ، وتَنَحَّلَه مثلُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا مَا قُلْتُ قافِيةً شَرُوداً، ... تَنَحَّلَها ابنُ حَمْراءِ العِجانِ
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِمُ انْتَحَلَ فلانٌ كَذَا وَكَذَا: مَعْنَاهُ قَدْ أَلزَمَه نفْسه وَجَعَلَهُ كالمِلْك لَهُ، وَهِيَ الْهِبَةُ»
وَالْعَطِيَّةُ يُعْطاها الإِنسانُ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ: كَانَ بُشَيرُ بْنُ أُبَيْرِق يقولُ الشعرَ وَيَهْجُو بِهِ أَصحابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويَنْحَلُه بعضَ الْعَرَبِ
أَي يَنْسُبه إِليهم مِنَ النِّحْلة وَهِيَ النِّسْبة بالباطِل. وَيُقَالُ: مَا نِحْلَتُكَ أَي مَا دِينُكَ؟ الأَزهري: اللَّيْثُ يُقَالُ نَحَلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه فَهُوَ يَنْحَله يُسابُّه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
فَدَعْ ذَا، وانْحَل النُّعمانَ قَوْلًا ... كنَحْت الفأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور
قَالَ الأَزهري: نَحَلَ فلانٌ فُلَانًا إِذا سابَّه باطلٌ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ لنَجَل فلانٌ فلانا إِذا قطعَه بالغِيبة. وَيُرْوَى الْحَدِيثُ:
مَنْ نَجَل الناسَ نَجَلوه
أَي مَنْ عابَ النَّاسَ عَابُوهُ وَمَنْ سبَّهم سبُّوه، وَهُوَ مِثْلُ مَا رُوِيَ
عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ: إِن قارَضْتَ النَّاسَ قارَضُوك، وإِن تَرَكْتَهم لَمْ يَتْركوك
؛ قَوْلُهُ: إِن قَارَضْتَهُمْ مأْخوذ مِنْ
قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رفَع اللهُ الحرجَ إِلا مَنِ اقترَضَ عِرْضَ امرئٍ مُسْلِمٍ فَذَلِكَ الَّذِي حَرِج
، وَقَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعِهِ.
نخل: نَخَلَ الشيءَ يَنْخُلُه نَخْلًا وتَنَخَّلَه وانْتَخَلَه: صَفَّاه واختارَه؛ وَكُلُّ مَا صُفِّيَ ليُعْزَل لُبابُه فَقَدِ انتُخِلَ وتُنُخِّلَ، والنُّخَالَة: مَا تُنُخِّل مِنْهُ. والنَّخْل: تَنْخِيلُك الدقيقَ بالمُنْخُل لِتَعْزِل نُخَالَتَهُ عَنْ لُبابه. والنُّخَالَة أَيضاً: مَا نُخِل مِنَ الدَّقِيقِ. ونَخْلُ الدَّقِيقِ: غَرْبَلتُه. والنُّخَالَة أَيضاً: مَا بَقي فِي المُنْخُل مِمَّا يُنْخَل؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وكلُّ مَا نُخِلَ فَمَا يَبْقَى فَلَمْ يَنْتَخِلْ نُخالةٌ، وَهَذَا عَلَى السَّلْبِ. والمُنْخُل والمُنْخَل: مَا يُنْخَل بِهِ، لَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا قَوْلُهُمْ
(٣). قوله [كَالْمِلْكِ لَهُ وَهِيَ الْهِبَةُ] كذا في الأصل. وعبارة المحكم: كالملك له، أخذ من النحلة وهي الهبة وبها يظهر مرجع الضمير